يبدو أن هناك حداً لهذه المماطلة التي فيها الكثير من الدلع الذي لا مبرّر له. وسرعان ما سيكتشف الجميع، أو من لم يكتشف بعد، ان المسألة مع فخامة الرئيس العماد ميشال عون ليست على السهولة التي يتخيلون أو التي ربّما بها يحلمون:
هناك ترحاب عالمي كبير بإنجاز الإنتخابات الرئاسية في لبنان… ما يعني تلقائياً انه إهتمام دولي بالمبادرات التي إنتهت إيجاباً بإنهاء الفراغ الرئاسي الذي إنعكس شللاً على مختلف مناحي الحياة الوطنية سياسياً واقتصادياً، ناهيك باستشراء الفساد، والفلتان والمماحكات (…).
وبالتالي فإنّ القلق الداخلي (الشعبي) والخارجي من الفراغ لن تكون عودته مسموحة بتأخير التشكيل الحكومي الى أمد غير منظور.
ثانياً- ثمة تباشير خير كثيرة رافقت بزوغ فجر العهد العوني الجديد. إلاّ أن هذا كله ليس شكاً على بياض. وبالتالي لابد من عودة الحياة الى إنتظامها الطبيعي في لبنان حتى تترجم الحماسة الدولية مبادرات على الأرض.
مثال ذلك: إن الوضع الإقتصادي لن يستعيد حداً من التوازن إذا لم يتم تشكيل الحكومة في »الوقت الطبيعي«.
وإن الضغط على العملة الوطنية لن ينتهي إذا لم تصدر مراسيم تشكيل الحكومة في خلال الأيام المقبلة.
وإن عودة السياح الى لبنان لن تبلغ مداها إذا لم ينجز الإستحقاق الحكومي… مع الملاحظة أن التباشير واعدة جداً في هذا المجال السياحي.
وإن »الإنضباط« (الجزئي) الذي شهدته الإدارة العامة فور إنتخاب الجنرال ميشال عون رئيساً مرشح للتقلّص تدريجاً ما ينذر بعودة الفلتان (على الصعيد الإداري) إذا إستمرت طويلاً المماطلة والدلع والـ»هرقة«.
واستمرار الحال على ما هي عليه حكومياً من شأنه أن يتهدّد جدياً الإستحقاق الإنتخابي الآخر، والمهم جداً، وهو الإنتخابات النيابية العامة… وهذا ما لا يمكن قبوله شعبياً أولاً ودولياً ثانياً… لأنه سيقضي على آمال كثيرة معقودة على عودة المسارات الى مجاريها الطبيعية في هذا الوطن الصغير المعذّب المنكوب بالطبقة السياسية التي يصح القول فيها من نوع ذلك الذي قاله مالك في الخمرة…
وتلك الحالات، كلها، يعرفها فخامة العماد ميشال عون وفريق عمله معرفة وثيقة… ويعرفون بالتأكيد إرتداداتها على مسيرة العهد عموماً وعلى صاحب العهد شخصيا. والذين يعرفون فخامة الرئيس يجزمون بأنّ ذلك لن يستمر وبأنّ للصبر حدوداً.
وطبيعي أنّ الذين يتلاعبون بأعصاب الشعب اللبناني في مجال التأليف يعرفون من دون أدنى شك أنهم يلعبون بالنار… وان أحداً لا يستطيع أن يتحمّل المسؤولية التاريخية عن عرقلة إنطلاقة العهد، بل عن عرقلة إعادة لبنان الى حياته الطبيعية وإلى دوره الطبيعي، وإلى رسالته بين الأشقاء العرب وفي العالم أجمع.
تكراراً: العرقلة مسؤولية كبرى، وليس في مقدار أحد أن يتحملها… وإن غداً لناظره قريب.