مكشوف هذا الصراع على قانون الإنتخاب. مكشوف الأهداف والأبعاد والمرامي. كلّ يسعى الى قانون يحقق له الأكثرية النيابية في مجلس النواب الأول في هذا العهد. وانه لحق مشروع أن يكون هدف أي طرف سياسي تحقيق أكثرية نيابية تمكنه من تشكيل قوة (ديموقراطية) ضاربة لتحقيق أهدافه في الحكم. ولكنه ليس حقاً ولا هو مشروع أن يتم ذلك عبر قوانين إنتخاب غب الطلب.
لذلك نرانا نناشد الأطراف كافة أن تترك وراءها الحزازات والأحقاد والمصالح الآنية، للإنكباب في ما تبقى من وقت محدود جداً (نحو اسبوعين) لوضع قانون إنتخابات نيابية يكون في المصلحة اللبنانية العليا.
نحاول أن نستكشف المخاوف والهواجس وعوامل القلق الكبير الجدّي (أو الوهمي) لدى هذا الفريق أو ذاك… ثم نحاول أن ندرك، بل أن نتفهم، تلك المخاوف والهواجس، إلاّ أننا لا نقبل أن يكون ذلك كله لغاية واضحة وهي تعزيز المواقع الذاتية على حساب المصلحة الوطنية العليا.
لقد شبعنا قوانين إنتخابات مزاجية فرضتها الوصاية في مصلحة بضع شخصيات. وهذا أمرٌ معروف و… معترف به حتى من المعنيين أنفسهم.
وشبعنا عمليات أسميناها في عجالة سابقة بـ »الفرز والضمّ«: فهنا »مطمطة« الدائرة الإنتخابية، وهناك تضييقها. هنا »فرز« المحافظة الى غير دائرة، وهناك ضم دائرتين أو أكثر. هنا محافظة وهناك قضاء، هنا نصف محافظة وهناك جمع ما لا يُجمع (بشري +الضنية…).
أجل شبعنا ذلك كله، بل اتخمنا به. ومن قُدِّر له أن يطلع على تلك المرحلة يُصاب بألم داخلي عميق على ما حفلت به من إنبطاح على الأعتاب، وإذلال واستذلال (…).
وكنّا نقول مع آخرين: إنها إرادة فوق الإرادة اللبنانية، ولا بدّ من أن يأتي يوم وتنتهي، لتتحرر الإرادة الوطنية اللبنانية، فيتحرر معها القرار الوطني من الإرتهان.
ولكن يؤسفنا القول إنّ ما نراه من مناكفات، وتقلّبات وتبديل في المواقف إزاء هذا الحراك المحموم حول مشاريع واقتراحات قانون الإنتخابات النيابية يدعونا الى كثير من التأمل في واقع حالنا المأزوم. لقد جاء هذا العهد بإرادة لبنانية، وحصل ما يوازي المعجزة في الإجماع الكبير الداخلي والعربي والإقليمي والدولي على فخامة الرئيس العماد ميشال عون الذي أعلن أمس إنحيازه الى قانون يلبي طموح الأكثرية الساحقة من اللبنانيين الذي اعربوا ويعربون (بالوسائل كافة) عن توقهم الى قانون جديد يكون متسعاً لإمكان ضخ دماء جديدة في الجسم السياسي… فلا يجوز تضييع هذه الفرصة التاريخية السانحة.
نعرف… نعرف جيداً انّ القوم غير معنيين في معظمهم بما نقوله ويقوله غيرنا… وانّ كلاً منهم يقول ويردد: أنا هنا لأعمل سياسة ولست فاتحاً جمعية الحبل بلا دنس.
صحيح، ولكن السياسة ليست دَنَساً، لو يدركون!