Site icon IMLebanon

لكنّهم فرّيسيّون يا سيدنا عوده!

حقاً قام يا سيدنا المطران الياس عوده صاحب أبجدية الذهب وحروف الإيمان بالله والوطن، ونحن في زمن يفقد اللغات والعقول والأوطان لأنه أقفل قلبه عن الله والإيمان.

تدعوهم يا سيدنا الى حبس أنفسهم في مجلس النواب وأن لا يخرجوا إلا وقد أنجزوا مهمة انتخاب رئيس للجمهورية وهذه اولى مسؤولياتهم كما ينصّ الدستور، صحيح ولكن وكي لا أعمّم، ما علاقة الكثيرين منهم وخصوصاً المسيحيين بالمسؤوليات او بالدستور، وقد تمادوا في التعلّل بالخطايا فإن لم يضعوا قلوبهم والعقول وراء الحدود وضعوها في أقبية الأنانية والكراهية؟

أو كما تقول وضعوها في “شهوة السلطة التي تُفقدنا الوطن، والوطن أغلى من المناصب والمكاسب والأنا المدمرة، الوطن أغلى من الطموحات والشهوات والمنافع والارتهان الى كل شيء ما عدا الوطن”، كل هذا ولبنان محاصر بالنيران تستعر من حوله تأكل الأوطان وتدمّر المجتمعات وتلغي التاريخ والجغرافيا وتجرف معالم الحضارة وما أورثته من جمالات صنعها الانسان!

هل تظن يا سيدنا ان صوت بولس الرسول سيصل الى آذان بعضٍ من مسيحيي كولوسي اللبنانية ممن يعيشون ويعيثون الغضب والسخط والخبث والتجديف والكلام القبيح، وأنهم بعد كل ما فعلوا يمكنهم ان يلبسوا كمختارين محبوبين اللطف والتواضع والوداعة وطول الأناة، وأن يحتمل بعضهم بعضاً ويسامح بعضهم بعضاً… ثم من أين لسلام الله ان يدخل الى قلوبهم، وقلوبهم من ضغينة وكِلس تماماً كقلوب الفريسيين وهم يصلبون لبنان ويطعنونه بحراب ويضعون الشوك على هامته ويقتسمون ثيابه؟

يا سيدنا ليتهم يسمعون ويقرأون ويفهمون في العمق أهمية ومعنى استلهام الإيمان في صلاح المواطنة والانتماء الى “الوطن الجميل الذي منحنا إيّاه الخالق وائتمننا عليه”، بحيث يتصرفون من خلال مواطَنة تستظل القوانين وتحترم الدستور وتلتزم قواعد ترجمة أمينة لمعنى الهوية وانتماء الإنسان الى دولة مستقلّة، لا من خلال وضع الوطن على مقاسات الأديان والمذاهب، وفق ما نراه في ضيق أفق وضيق إيمان، لأنه تماماً كما تقول “ان أدياننا ومذاهبنا هي الحافز لنا لنكون مواطنين صالحين أوفياء لوطننا أمناء على أرضه ودستوره مخلصين له ومحبّين لشعبه”.

نعم ليسمع كل هذا الشرق الذي يتلوى على نيران عمياء “الإيمان الحقيقي لا يمكن ان يكون سبباً للشقاق والفراق، والمؤمن الحقيقي لا يمكن ان يعيش في قوقعة طائفية لأن الإيمان الصحيح انفتاح على الآخر كائناً من كان الآخر، الذي نرى في وجهه وجه الله”.

فرّيسيو السياسات العمياء عندنا يضعون لبنان على الصليب ولا من قيامة حتى الآن، وفي المنطقة حضارات تُمحى وشعوب تواجه الانقراض بسبب التعصّب والإرهاب، وهذا ليس من الإيمان أو من الله.