تقول الأسطورة إن الصحافة البريطانية أطلقت عليه لقب “الجهادي جون” تيمناً بنجم فرقة البيتلز جون لينون. وقد أمر رئيس الوزراء البريطاني أجهزته الأمنية والاستخبارية بمطاردته والقبض عليه، وكأننا في فيلم من أفلام جيمس بوند. كل وسائل الإعلام، القريبة والبعيدة، تتحدث عنه وعن أعماله الشنيعة في عناوينها الرئيسية. وتتنافس مقاطع الفيديو المروّعة التي يظهر فيها مع صور مؤخرة كارداشيان في استقطاب المتفرّجين. نتيجةً لذلك، ينتشي القاتل (الذي يقال إنه كان سابقاً مغنّي راب غير ناجح) بغروره المضخّم اصطناعياً، ويتبجّح بشهرته المستجدّة، ويهاجم قادة العالم فيما يؤدّي عرضه أمام عدسة الكاميرا.
لا بد أن جدّي يتململ في قبره من الفرصة المتاحة له ليقهقه في وجه هذا السلوك الوحشي. فهو كان يضحك لدى مشاهدة العنف في الأفلام، وكانت ضحكته تعلو أكثر فأكثر أمام الأحداث التي لا يستطيع العقل استيعابها. كان مطمئناً إلى أنه مجرد تمثيل، فكان يضحك مردّداً: “شو هالكذب والكِذَّيب؟” كان يعتقد أن الطبيعة البشرية أسمى من كل الكراهية التي تُعرَض على الشاشات وأن العنف في الأفلام هو فقط شكل من أشكال الترفيه. فكان يضحك كثيراً وكأنه يتهرّب من الشعور بالخوف تعلّمنا أن نحذو حذوه، وكنّا نعتقد فعلاً أنه على الشاشة، “البطل لا يموت”.
في واقعنا، هذا أبعد ما يكون عن الحقيقة. مع مرور الوقت، ندرك أن بعض البشر عنيفون للغاية ومرضى في عقولهم وقلوبهم. إنهم يُبرّرون القتل، والبتر، والقتل بالغاز، والتعذيب، وقطع الرؤوس، وتشتيت العائلات. إنهم يحبّذون العودة إلى ما قبل التاريخ ليفرضوا على الآخرين حياةً من التخلّف عوض أن يجدوا طريقة لإسماع أصواتهم في هذا العصر.
تغذّي المجتمعات الحديثة باستمرار بعضاً من الأطباع الأكثر نرجسية، تحت ذريعة التصنيع والعولمة والتقدّم التكنولوجي والنمو. هؤلاء الأشخاص هم أشدّ دموية وفتكاً من الشخصيات الأكثر خيالية التي يمكن أن يتخيّلها الإنسان. إنهم يصلحون تماماً لأفلام الإثارة والتشويق والتجسّس. من ساهموا في ظهور أبو بكر البغدادي الذي نصّب نفسه خليفة، وجزّار “داعش”، يدّعون الآن أنهم مصدومون من سلوكهم ويريدون رحيلهم.
السلوك النرجسي الذي يُظهره هؤلاء الإرهابيون هو نقطة ضعفهم، وسوف يقود إلى زوالهم. في الانتظار، الواقع المؤسف هو أن الأبطال سيستمرون في السقوط يومياً. وبما أننا غير قادرين على تغيير الكثير، نحزن عليهم ونمضي قدماً.