Site icon IMLebanon

جزّار صيدنايا.. نحن نعرفه فماذا سيفعل العالم معه؟

«ألا أيها الظّالم المُستبد حبيب الظلام عدو الحياه

سخرت بأنّات شعب ضعيف وكفّك مخضوبة من دماه

تأمّل هنالك أنّى حصدت رؤوس الورى وزهور الأمل

سيجرفك السيل، سيل الدماء ويأكلك العاصف المُشتعل»

(أبو القاسم الشابي)

في ٢٤/٢/١٩٨٧ تلقّت منظمة العفو الدولية تقريرًا عن اعتقالات تعسّفية واختفاءات وإعدامات غير قانونية من قبل القوات السورية وقوات موالية لها في طرابلس هذا نصه:

«تلقت منظمة العفو الدولية تقارير تشير إلى مقتل ما ينوف على مئتي شخص على أيدي القوات السورية والقوات الموالية لها في مدينة طرابلس في شمال لبنان، خلال الأسبوع الثالث من شهر كانون الأول ١٩٨٦. وتبيّن هذه التقارير أن كثيرًا من أعمال القتل تمّت عمدًا ولا يمكن عزوها إلى القتال، إضافةً إلى اعتقال مئات الأشخاص من المدينة نفسها والقرى المجاورة واختفاء آخرين بقي مصيرهم مجهولًا حتى الآن».

وتحدّث شهود عيان يومها عن مقابر جماعية في عدة أماكن في المدينة، وقد مُنع الصحافيون من تغطية الحدث وأن المستشفيات العاملة في تلك الأيام كانت قد غرقت أروقتها بدماء الضحايا».

بالمحصّلة، لم يعلم أحد ماذا حلّ بذاك التقرير يومها، وعلى الأرجح أنه أضيف إلى ملفّات مجزرة حماة ومجازر أخرى موثّقة بكل وقائعها قام بها نظام الأسد منذ بداياته الأولى وإلى هذه اللحظة في سوريا ولبنان.

منذ أيام أعلنت منظمة العفو الدولية عن تقارير واعترافات حول سجن صيدنايا في سوريا واصفةً إياه بأنه «مسلخ بشري».

ليس من المجدي في هذا المقال إعادة سرد ما أصبح مكررًا في الإعلام عن وسائل التعذيب وطرق الإعدام والمحاكمات الصورية، فالواقع هو أن هذا السجن ما هو إلا نسخة مصغرة عن السجن الكبير الذي يسمّونه سوريا الأسد، من عهد الأب والأخ إلى عهد الإبن.

فهناك حتى هذه اللحظة مئات الآلاف من الضحايا في مجازر متفرّقة وبأساليب عديدة، من اسلحة كيميائية وبراميل متفجّرة وإعدامات وتجويع. كلها موثّقة ومعروفة لدى منظمة العفو الدولية ولدى الدول الكبرى ولدى مجلس الأمن، ومع ذلك فما زال ممثّل الجزّار السوري يسرح ويمرح في أروقة الأمم المتّحدة دفاعًا عن مجزرة مستمرّة على مدى حوالى خمسة عقود.

لا شك أن منظمة العفو قامت بمهمتها على أكمل وجه، لكن ما الذي ستفعله أدوات الأمم المتحدة التنفيذية لوقف المجازر؟

لقد رفضت وزارة عدل نظام القتل في سوريا، وفيها قضاة حكموا على الآلاف بالشنق في ذاك السجن، واعتبرت ما ورد في تقارير المنظمة غير دقيق. السؤال يجب أن يرتكز على ما هو غير دقيق في التقرير، وكيف التثبت من ما هو صحيح أو مجرّد حملة إعلامية مغرضة. بالنسبة إلينا فما يعرفه المجتمع الدولي عن منظومة الرعب السورية ما هو سوى جزء بسيط من حقيقته المرعبة. المهم اليوم هو هل سيجتمع مجلس الأمن للنظر في الموضوع؟ هل سيذهب هذا المجلس إلى فرض لجنة تحقيق محايدة تحت الفصل السابع؟ وهل سيستمر الحديث عن تسوية يكون جزار صيدنايا جزءاً منها؟

الخطير اليوم هو أن الحديث يدور حول أكثر من مئتي ألف معتقل أو مفقود بذمّة النظام، فهل سيتمكن النفاق الدولي من إنقاذ بعضهم على الأقل؟

(*) عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل»