Site icon IMLebanon

«شراء الأمل» لا يحلّ الملفات المعلقة

الحلول اللبنانية مؤجلة بانتظار تسويات المنطقة

«شراء الأمل» لا يحلّ الملفات المعلقة

«تطورات الإقليم تسبق الوضع اللبناني بسرعة الضوء، ولولا وجود حزب الله كقوّة إقليمية فاعلة ومؤثرة، لتحوّل لبنان إلى مكبّ لكل أزمات المنطقة وساحة لتبادل الرسائل الباردة منها والساخنة، ولكان تحوّل بلد الوصل بين الشرق والغرب الى وطن قيد الدرس مصيره معلق على تقاسم خرائط النفوذ الدولية والإقليمية».

يعرف سفير دولة كبرى معتمد لدى لبنان أن قراءته هذه لا تتناسب مع قراءة كثر في لبنان. لكنه مع ذلك لا يُصرّ عليها فحسب، إنما يستكملها برفض كل الأحلام غير الواقعية المتعلقة برحيل بشار الأسد. يقول إن «مسار الأمور في سوريا صار واضحاً، ولو سلّمنا بمقولة أن الرئيس بشار الأسد ليس هو مَن يُقرّر وحده مستقبل الوضع في بلاده، إنما الكلمة الأساسية صارت لروسيا وإيران، فإن الحقيقة تقتضي التأكيد أن الروس قرّروا بالميدان القول للأميركيين والأوروبيين: لديكم ساحاتكم التي تسيطرون عليها ونحن لدينا ساحاتنا وأبرزها سوريا، اذاً تفضلوا للحديث معنا وبلا مواربة حول ما يمكن أن نأخذه وما يمكن أن نعطيه».

ويضيف السفير نفسه «لم يكن الأميركي والأوروبي يتعاطى بجدية مع الطرح الروسي، ولكن ما جعلهم يهتزون، أن أول خطوة لجأ إليها الروسي كانت تسليم القيادة السورية صور الأقمار الاصطناعية، والتي أدت الى تعديل في الميدان، ومن ثم الذهاب إلى إنشاء قاعدة جوية هي الثانية بعد القاعدة البحرية في طرطوس، أعقبها تزويد الجيش السوري بصواريخ وأسلحة وعتاد حديثين، وصولاً الى إرسال ثلاثة آلاف عسكري روسي، ولكن مَن يقول إن العدد فقط هو المعلن؟ ومَن قام بعدّهم أصلاً؟».

ويتابع «ما لا تستوعبه جماعة 14 آذار في لبنان، وربما لا يريدون استيعابه، أن النظرية التي تقول إن الأسد ميؤوس منه أو أنه زائل، لم تعد تتفق مع أي قراءة للوضع السوري. فالوجود العسكري الروسي في سوريا، بغضّ النظر عن حجمه، يعني أن إطلاق النار صار الآن على الروسي مباشرة. وعليه، فإن الأميركيين والأوروبيين غير مستعدين للدخول بمواجهة مع الروسي في سوريا، وهذا ما يفسّر تحوّل الجميع الى «داعش». علماً أن الروسي كان منذ البداية يقول حاربوا الإرهاب قبل الحديث عن الحل ولم يستوعب الغرب ذلك، بينما كانت إيران وحزب الله وروسيا والقيادة السورية ينسقون الموقف والتوجّهات في اتجاه درء خطر الإرهاب التكفيري».

ويوضح السفير أن «روسيا تقول الآن، بالواقع وبالترجمة العسكرية وعلى المستوى الميداني، أن استهداف سوريا هو استهداف لها وأن إطلاق النار على السوري هو إطلاق نار على الروسي. وبالتالي، فإن تواجد عسكري روسي واحد أو 3 آلاف أو 30 ألفاً على الارض السورية، لا يغيّر في حقيقة الشراكة الكاملة مع النظام والقوى الداعمة له». وعليه، فإن الروسي يضع معادلة: أنتم أيها الأميركيون والأوروبيون لديكم إسرائيل وقواعد عسكرية في دول الخليج وفي تركيا، ونحن لدينا قواعد عسكرية في سوريا، وتحالفنا يتعمّق مع حلفائنا في المنطقة.. أنتم تبتّون في شؤون العالم وعليكم التحدث معنا للبت في الحل السوري».

ويدعو السفير إلى «وجوب معرفة شخصية الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الذي لن يتراجع، وكلما حاصروه عسكرياً واقتصادياً وسياسياً، من أوكرانيا إلى خفض سعر البترول، إلى عقد اجتماعات من دون دعوة روسيا إليها، ازداد تصميماً على المواجهة، فهو القيصر الذي يعيد أمجاد روسيا. السنة المقبلة تنتهي ولاية الرئيس الأميركي باراك أوباما ما يعني أن الولايات المتحدة ستغرق في التحضير لانتخاباتها بينما المساحة الزمنية كبيرة أمام بوتين للوصول إلى استحقاقه الرئاسي. في الخلاصة، هناك قراءة جديدة للمنطقة. وأوباما، من خلال أدائه، قرأ هذا التحوّل، إن في موضوع إيران، حيث ذهب الى البعيد وكسر الكونغرس، أو باتجاه كوبا، فمن كان يتصوّر أن الصراع التاريخي معها سيُحلّ؟».

ماذا عن لبنان؟ يرى السفير أنه «في لبنان لن يتوضح شيء قبل تبيان مسار الحل في المنطقة، ومتى توضّحت يصبح الحل ممكناً جداً في لبنان، أما غير ذلك فدخول في باب الرهانات وشراء الأمل الذي لا يحل الملفات اللبنانية المعلقة».