يحلو للمسيحيين في هذه الايام ان يطلقوا على الانتخابات البلدية المزمع إجراؤها الشهر المقبل، خصوصا في المدن ذات الاغلبية السكانية المسيحية، لقب (أم المعارك)، علما ان الواقع يشير الى ان معظم هذه المدن لا تشهد تلك الحماوة التي يتم التسويق لها، حيث العديد من المدن انجزت لوائحها البلدية وفق مقتضيات الانماء وحسابات العائلات والتوازنات السياسية.
في جبيل، أعلن رئيس المجلس البلدي زياد الحواط، نيته الترشح لولاية ثانية، مستندا على تجربة إنمائية، عمل على تحقيقها مع فريق عمل متجانس، وضع نصب عينيه، العبور بمدينة جبيل، من ماضيها العريق الى حاضر مشرق، وتخطيط لاستمرار إشراقة المدينة، في المستقبل القريب والبعيد، وفق رؤية علمية قاد بها المجلس البلدي الجبيلي عملية الانماء في المدينة.
في الانتخابات السابقة، واجه الحواط، تحالف العونيين والارمن الطاشناق، والوزير السابق جان لوي قرداحي وقرار التكليف الشرعي لحزب الله بالتصويت ضد لائحة الحواط، وحقق فوزا لكامل الاعضاء.
بعد الانتخابات إنبرى المجلس البلدي، للتخطيط لعملية إنمائية لم تستثن أحدا، سواء الذين اقترعوا للائحة او الذين اقترعوا ضدها، فالانماء، لا يعرف محاباة ولا سياسة زاروب، وتوالت الانجازات تباعا، فعادت جبيل الى خارطة الوطن، وهي اليوم تشكل ملتقى اللبنانيين من كل المناطق، وفي كل الفصول، يلتقون فيها في جميع المناسبات، وها هي اليوم العاصمة الاولى للسياحة العربية، وبناها التحتية تحاكي تلك التي تتواجد في ارقى المدن العالمية، من شبكات صرف صحي للمدينة والجوار، ينجزها المجلس البلدي الحالي، بالتعاون مع مجلس الانماء والاعمار، والاتحاد الاوروبي، الى مدينة رياضية، أصبحت تضم فرقا رياضية تنافس على الدرجة الاولى، وخلال فترة قياسية، وقصر بلدي، يضاهي القصور البلدية، في احدث الادارات البلدية العالمية، الى مواسم سياحية ومهرجانات، وترميم واجهات الاسواق الداخلية وجوارها، الى حديقة عامة، الى مواقف سيارات وممرات للمشاة وهواة ممارسة رياضة ركوب الدراجات الهوائية الى لائحة تطول، كان في خلالها المجلس البلدي خلية نحل متناغمة لا تهدأ ولا تميز بين مواطن وآخر، وبين حي وآخر، وبين شارع وآخر.
سياسيا عمل الحواط على اكثر من محور، فهو اولا، نجح في وضع المدينة فوق الصراعات السياسية، وثانيا، نجح في اعادة لم شمل العصب التاريخي لجمهور الكتلة الوطنية، حول شخصه، ونجح ثالثا، في تكريس مصالحات لا يعرف اهميتها سوى إبن المدينة والقضاء، فأزال في كلمته في تشييع المهندس كمال قرداحي الحساسية التاريخية السياسية بين عائلتي الحواط والقرداحي. فتحول الحواط خلال سنوات ست من ولايته الى مرجعية إنمائية وخدماتية لابناء المدينة بشكل خاص والقضاء بشكل عام، فاكتسب ثقة الاهالي، وهذا ما تجلى في المشاركة الكثيفة في إفتتاح مبنى القصر البلدي، فكانت المدينة بجميع مكوناتها في باحة الاحتفال مزهوة بالانجاز الجديد.
مع إنطلاق العملية الانتخابية الحالية، بدأت العيون تشخص على جبيل، وسعى كثر التسلل الى المجلس البلدي، بعملية توافق مزعومة، او يواجه الحواط صناديق الاقتراع، ولعل التيار العوني كان ابرز سعاة طلب المشاركة التعطيلية، من اجل تجنيب المدينة معركة انتخابية، فسعى الى تبني ترشيح رئيس البلدية الاسبق الدكتور جوزيف الشامي، الذي رد عليهم بطريقة غير مباشرة، فتأبط ذراع إبن خاله زياد الحواط، وشارك في احتفال افتتاح القصر البلدي، فاعلن وقوفه الى جانب الحواط.
المسعى العوني الثاني تمثل بجولة على فعاليات مدينة جبيل، حاملين مقترح مجلس بلدي مؤلف من 6 أعضاء من التيار العوني، و6 من حزب القوات اللبنانية، و6 من المستقلين على ان يكون رئيس البلدية من المستقلين، ولكن هذا المقترح جبه برفضه من المستقلين جملة وتفصيلا.
وبعد فشل المحاولات السابقة، كان هناك لقاء مباشر بين الحواط وقيادة التيار العوني، حيث طالب العونيون بتمثيلهم على لائحة الحواط، بستة أعضاء، من بينهم نائب الرئيس، بدلا من الحالي، ايوب برق.
طرح العونيين لم يلق آذانا صاغية من الحواط، وهو رد عليهم بكلمته في افتتاح مبنى القصر البلدي برفض بلدية ببلديات متعددة، فكان ان دخل رئيس حزب القوات اللبنانية على خط التواصل من اجل تجنيب جبيل معركة إنتخابية، لما تربطه من علاقة صداقة وود مع الرئيس زياد الحواط، فطلب جعجع من الحواط استيعاب الحالة العونية، ولكن شروط العونيين تفوق القدرة على الاستيعاب، وعرض الحواط على تيار عون، ان يتمثل بعضوين إثنين، وهو ينتظر رد التيار.
حتى اليوم، الحواط مدعوما بثقة اهالي المدينة، وفعالياتها، يتجه الى انجاز فريق العمل للمرحلة المقبلة، مع تعديلات طفيفة على تركيبة المجلس الحالي، على ان تضم التركيبة الجديدة عضوا أرمنيا من حزب الطاشناق.
في المقابل هناك محاولات متعثرة لتشكيل لائحة لمواجهة الحواط، تكون نواتها الرئيسية من التيار العوني، مع محاولات لضم القوات اللبنانية الى هذه اللائحة وبعض المستقلين، إلا أن هذه المحاولات ما زالت تتلمس طريقها ولم تصل الى اي نتيجة بعد.