Site icon IMLebanon

باي باي أميركا

هذه رسالة عربية قوية الى الولايات المتحدة الأميركية أرسلها ثلاثة قادة عرب من قصر الكرملين في موسكو، فليست مصادفة أن يلتقي «القيصر» فلاديمير بوتين في لحظة زمنية واحدة وحرجة جداً كلاً من الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وملك الاردن عبدالله الحسين، وولي عهد الامارات العربية المتحدة الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.

وبقدر ما يلفت التوافق الزماني بين اللقاءات الثلاثة، بقدر ما تلفت المناسبة أيضاً وهي «معرض الصناعات العسكرية» الذي تقيمه روسيا لهدفين متلازمين أولهما عرض قوة وعضلات في سوق السلاح والثاني تعزيز الوجود الروسي الخجول في المنطقة.

والواقع أنّ الولايات المتحدة الأميركية هي التي أوصلت الأمور مع العرب الى هذا المنحى المهم، وهي التي تبدو كأنها تقول للعرب: اذهبوا الى موسكو.

تقولها، إنما بكلام آخر:

تقولها بتسليمها العراق الى إيران، فتسلخه عن أمته وعن قومه وعن عروبته لتسلمه الى الفرس.

وتقولها بالاتفاق النووي الذي يعزز موقع إيران مالياً وسياسياً وعسكرياً في المنطقة، على حساب العرب…

والقادة الثلاثة الذين عرضوا الأوضاع الثنائية بين كل واحد من بلدانهم وموسكو، سبقتهم الى هناك الوفود السعودية الرسمية وسواها من الوفود العربية… إضافة الى صفقات الاسلحة بالمليارات بعدما كانت تلك الدول سوقاً متقدمة للسلاح الاميركي… إلاّ أنّ إدارة أوباما فرّطت بتاريخ عريق عمره نحو ثلاثة أرباع القرن بين واشنطن والرياض… ألم يكن المشهد «يحكي» بذاته عن ذاته عندما توسّط بوتين الملك الاردني عبدالله الثاني ابن الحسين عن يمينه والشيخ محمد بن زايد عن يساره وهم يتابعون بالنظارات المتطورة وبعدسة «زايس» الطائرات الحربية وهي تحلق في أجواء المعرض؟

وما أشبه اليوم بالبارحة… فعندما خذلت واشنطن جمال عبدالناصر في تخليها عن مشروع السدّ العالي بعد استعدادات طويلة واتفاقات موثقة على امتداد سنوات… إلاّ أنّ «المارد الأسمر» لم يرضخ، فاتجه الى موسكو وعقد الاتفاقات سواء ما كان منها في مجال التسلح أم في مجال الإنماء… وأُقيم السدّ العالي بالاتفاق مع الاتحاد السوڤياتي آنذاك، فكان ولا يزال شاهداً على زمن الكبار.

لقد ألحقت أميركا غبناً كبيراً بالعرب… وها هم ينتفضون!