IMLebanon

جدل بيزنطي

الجدال البيزنطي يتواصل بأصوات عالية بين الرئيس نبيه برّي والقيادات المسيحية من فريقي 14 و8 آذار حول الضرورات التي تمليها المصلحة الوطنية، لعقد جلسة تشريعية لمجلس النواب قبل انتهاء الدورة العادية لإقرار عدد من المشاريع بينها قروض من البنوك الدولية من دون أن يؤدي إلى نتيجة لأن هذه القيادات توافقت فيما بينها على مقاطعة أي جلسة يدعو إليها رئيس مجلس النواب ما لم يلحظ جدول الأعمال مشروعي الجنسية وقانون الانتخابات بوصفهما مشاريع ضرورية تستحق مخالفة الدستور وعقد جلسة لمجلس النواب لا يكون موضوعها إنتخاب رئيس للجمهورية.

وعبثاً يحاول الرئيس برّي إقناع هذا الفريق بأن هيئة المكتب هي التي أدرجت المشاريع التي وجدتها ضرورية على جدول أعمال الجلسة المقترحة بوصفها صاحبة الحق المطلق في وضع جدول الأعمال وهو بوصفه رئيساً للمجلس ملزم به كما وضعته الهيئة بدون زيادة ولا نقصان ذلك لأن هذا الفريق يتمسك بالدستور الذي جعل مجلس النواب منذ شغر مركز رئاسة الجمهورية هيئة إنتخابية تجتمع فقط لانتخاب رئيس للجمهورية، ولا يجوز لها الاجتماع من أجل التشريع، لكنهم وحتى لا يتهموا بتعطيل مجلس النواب كما فعل برّي بعد حرب تموز 2006 وافقوا على عقد جلسات لتشريع الضرورة، وهم لا يرون بين المشاريع التي أدرجتها هيئة مكتب مجلس النواب على جدول الأعمال أي مشروع يحمل الطابع الضروري ما عدا مشروعي استعادة الجنسية وقانون الانتخابات اللذين غيّبا عن الجدول، لأن رئيس المجلس وفريقه غير موافقين عليهما، علماً بأن هذا الفريق يعلم بأن الدورة العادية للمجلس تنتهي في نهاية أيار الجاري ولا يمكن إصدار مرسوم بفتح دورة استثنائية في ظل عدم وجود رئيس للجمهورية، وفي حال استمر هذا الجدال القائم من دون التوصّل إلى نتيجة إيجابية كأن تتراجع القيادات المسيحية وتقبل بجدول الأعمال الذي وضعته هيئة مكتب مجلس النواب أو تتراجع الهيئة وتلحظ مشروع استعادة الجنسية وقانون الانتخاب يدخل مجلس النواب في عطلة طويلة لا تنتهي إلا بعد التوافق شبه المستحيل حتى الساعة على انتخاب رئيس للجمهورية يُعيد للمؤسسات الدستورية إنتظامها وتحل كل المشاكل والإشكالات الدستورية التي أدت إلى تعطيل مجلس النواب وساهمت في تعليق معظم أعمال الحكومة بما فيها مشروع الموازنة العامة الذي يترنح على طاولة مجلس الوزراء، ويتعرض من قبل الوزراء لانتقادات لاذعة تؤشر إلى صعوبة إقراره قبل نهاية الشهر الجاري كما وعد الرئيس تمام سلام كل الغيارى الذين اتصلوا به وتمنوا عليه الإسراع في إنجاز الموازنة حتى يتسنى لمجلس النواب أن يضع يده عليها قبل الانتهاء من دورته العادية آخر أيار الجاري.

اللبنانيون يرتابهم القلق الشديد على المصير نتيجة استمرار هذا الشلل داخل المؤسسات الدستورية ولا سيما السلطة التشريعية التي يمثلها مجلس النواب، فمتى يعي القادة والنواب خطورة هذا الوضع ويترفّعوا عن الصغائر خدمة لهذا الوطن المهدد بالإنقسام.