أكثر من وجهة نظر، في تقييم إصرار الرئيس تمام سلام على عقد جلسة مجلس الوزراء أمس، ولو من قبيل التشاور، لكن البارز اثنتان متعاكستان. بعضهم حتى من أوساط ١٤ آذار، يرى ان الحقيقة بنت الوعي والجدل يبعد الناس عنها… وتالياً انه كان على رئيس الحكومة ان يتعامل مع تصعيد التيار الحر، البالغ حدّ مقاطعة الحكومة، بعد طاولة الحوار. بالتفهم والتفاهم، واستطراداً الاحتواء، وهو المعروف بطول أناته وبطاقته على الصبر، بل والأدرى بكون قيادة التيار المحشورة بزاوية طموحاتها الرئاسية، ليست مرنة بما يكفي لتحلّ مشكلتها معه دون عراك…
ودليل هذه الأوساط، ان الجلسة انعقدت بالفعل، انما من دون مناقشات أو قرارات، بمعنى لزوم ما لا يلزم…
واضافة الى ذلك، فان الجلسة الوزارية التشاورية، قد تكون أكسبت رئيس الحكومة جرعة شعبوية، يحتاجها، لكنها أفادت العماد عون، بجرّه حزب الله والمردة، الى التضامن معه في المقاطعة الوزارية، كما أفادت الحزب، الذي عمل كالمنشار الذي يأكل على الطالع وعلى النازل، فهو أعاد استيعاب العماد عون واسترضاءه، عندما تضامن معه في الغياب عن الجلسة الوزارية، وحافظ على مسافة من الودّ مع الرئيس سلام من حيث رسم لعون وحلفائه حدوداً، دونها مقاربة الكيان الحكومي، المحروس بالضمانات الدولية، وبالتالي الاقليمية…
بالمقابل ثمة وجهة نظر أخرى مصدرها أوساط تربية من ١٤ آذار أيضا، وخلاصتها ان باصرار الرئيس سلام على عقد الجلسة الوزارية بمن حضر، وضمن حدود النصاب القانوني، ولمجرد التشاور دون اتخاذ مقررات، إنما كرّس حصانة حكومته وميثاقيتها، ورسم حدّاً للتطاول عليها، من داخل ومن خارج، وبات واضحاً للقاصي والداني، ان التنازلات تقدم للصالح العام، وليس للنزوات الخاصة أو الفئوية. ويقول أحد المقرّبين، تصوّروا لو ان سلام تراجع أمام إصرار وزراء التيار على تعطيل جلسة امس، والذي بعده، فمن يضمن له عدم تحوّل وزراء التيار وحلفائه، الى ثلث معطّل أو ربع؟
من يضمن عدم العودة الى المطالبة، بتطبيق الميثاقية، في مواعيد جلسات مجلس الوزراء وحتى جدول أعماله؟
وفي تقدير الأوساط ان تعليق المشاركة بطاولة الحوار، يعني تعليق العقد الاجتماعي الناظم للعيش المشترك بين اللبنانيين، وهذا العقد هو الميثاق وهو محور الحياة الوطنية المشتركة، ومن لا يتردد في تعليقه، أو نفض اليد منه في لحظة غضب، أو عند التضارب مع مصالح أو طموحات شخصية، يقاطع الحكومة التي هي تعبير عن هذا العقد، بل ويستقيل منها، ويتسبّب بتدمير آخر معاقل السلطة الوطنية، كي يمنع تعيين قائد أو التمديد لقائد، يرى فيه عائقاً في طريق طموحاته.
يقول الوزير رشيد درباس: لهم عيون ولا يرون ليس ما هم مقبلون عليه في لبنان، ما لم يتمعّنوا بكل ما جرى ويجري في سوريا…
أما عن انضمام حزب الله الى التيار الحر في مقاطعته جلسة مجلس الوزراء أمس. فالبعض يعتقد ان الحزب يعتمد طريقة ضربة على الحافر وضربة على المسمار، أي في الجلسة الأولى رفض المقاطعة وباعها للرئيس سلام ومن يقول قوله… وفي الثانية رفض المشاركة وباعها للحليف المرتاب بتحالفاته التيار الحر. لكن في تقدير الأوساط ان تراجع وزيري الحزب عن حضور الجلسة، مرتبط باعتبارات تتخطى التفاصيل اللبنانية الفرعية، ليرقى الى مستوى الكباش السعودي – الايراني على مساحة المنطقة.
ويبدو لهذه الأوساط، ان السجال التكفيري الحاصل بين العاصمتين الاسلاميتين منذ الاعلان عن مقاطعة الايرانيين لموسم الحج، يحتل الجزء الأكبر من مكونات موقف الحزب المتغيّر من جلسات مجلس الوزراء…
واللافت ان رئيس الحكومة رفع الجلسة أمس، دون أن يعيّن موعداً للجلسة التالية، ما يعني ان في الوقت متّسعاً.