IMLebanon

خسارة معركة مقاطعة جلسات الحكومة: غلط حسابي أم رهانات خاطئة؟ 

 

شكل انعقاد مجلس الوزراء امس، انتكاسة واضحة لرهان رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل على سلاح المقاطعة، وعلى كسب غطاء مسيحي كامل او واسع لخوض معركة رفض اجتماع الحكومة المستقيلة تحت اي ظرف او مبرر.

 

وكان واضحا، انه راهن على تشكيل «بلوك» مسيحي متماسك و»مبكّل» لمنع انعقاد الحكومة، لكن رهانه لم يكن ناجحا مئة في المئة، بعد ان غرّد وزير الطاشناق الارمني جورج بوشكيان خارج السرب، وحضر الى السراي لتأمين نصاب حلسة مجلس الوزراء، مع العلم ان اسمه ورد من بين الموقعين على المقاطعة.

 

في احتفال زينة الميلاد في البترون، بدا باسيل مبتسما ومطمئنا عشية موعد الجلسة، ما اوحى بانه واثق من قدرته على تعطيل النصاب. وما زاد ثقته ان المواقف المسيحية التي صدرت، لا سيما من بكركي، وما تلقاه ايضا من جرعات دعم مسيحية مختلفة، صبّت كلها ضد دعوة ميقاتي، واوحت ان الجميع اصطف خلفه في هذه المعركة.

 

ويبدو ان باسيل بالغ في تقدير متانة البلوك الوزاري المقاطع، كما اخطأ في تقدير وتقويم المواقف المسيحية، لا سيما تلك الصادرة عن نواب في «القوات اللبنانية»، بل ايضا ما جاء على لسان البطريرك الراعي.

 

يقول احد السياسيين المخضرمين « اتصور ان الدكتور سمير جعجع يجلس الآن بعد انعقاد مجلس الوزراء في احد اجنحة قصر معراب، وهو يفرك يديه بسعادة بالغة للصفعة التي تلقاها باسيل، وفشله في الاتكال على ولاء وزرائه ومتانة تكتله النيابي في معركته مع ميقاتي».

 

صحيح ان بكركي اطلقت كلاما شديد اللهجة في وجه دعوة ميقاتي لجلسة مجلس الوزراء، وصحيح ان بعض نواب «القوات» عبروا عن معارضتهم للدعوة، وصحيح ايضا ان هناك افرقاء مسيحيين آخرين ابدوا تعاطفهم مع باسيل وشجعوه على العمل لمقاطعة الجلسة، لكن الصحيح ايضا ان كل هذه الاطراف المسيحية لا تريد ابدا ان يكسب باسيل هذه المعركة او غيرها. وهي كانت غير مستاءة من انعقاد الحكومة بالشكل الذي حصل، باعتبار ان ما جرى يُحرج التيار الوطني بشكل عام، ويزيد اهتزاز العلاقة بينه وبين حليفه حزب الله.

 

يضيف السياسي المخضرم، انه استنفار مسيحي مزدوج الهدف، على طريقة اصابة عصفورين بطلقة واحدة:

 

– اولا: السعي الى ايقاع باسيل في مزيد من الاشكالية في العلاقة بينه وبين حزب الله وفي مزيد من التخبط والارباك.

 

– ثانيا: الحاق المزيد من النكسات بباسيل وتياره، وافشال محاولته كسب ورقة مسيحية في هذه المعركة، ما دام لم ينجح فيها.

 

لكن باسيل لم يكن ينتظر من يشجعه على هذا الموقف، يضيف المصدر، لافتا الى انه في سعيه لرفع العقوبات الاميركية عنه لم يعد رئيس التيار يخفي خلافه مع حزب الله حول العديد من الاستحقاقات والملفات، بل بات يشعر بحساسية اكبر في العلاقة مع الحزب، بعد ان لمس انه يسير في خيار تأييد سليمان فرنجية للرئاسة.

 

لا تعني انتكاسة باسيل في هذه المعركة انه خسر الحرب، لكن ما جرى يجعله في دائرة صعبة: اما اعادة تقويم علاقته ووضعه مع حلفائه لا سيما حزب الله، او الانزلاق الى نوع من العزلة، او اعادة ترتيب تموضعه.

 

ويبدو حتى الآن ان رئيس التيار لا يريد الانتقال الى تموضع جديد، ربما لانه يدرك ان اي تموضع آخر مكلف، ولا يحقق له الاهداف التي يسعى اليها، او لانه لا يسعى الى تبديل تحالفاته، وان ظهرت خلافات عديدة بينه وبين الحلفاء.

 

وخلاصة نتيجة ما جرى، ان باسيل سقط في فخ الاندفاع المبالغ فيه، الى معركة افشال انعقاد حكومة تصريف الاعمال، وما زاد من اندفاعه ايضا الجو الحماسي الذي احدثته مواقف بكركي وغيرها في نفسه تجاه هذا الموضوع.