لا زالت تداعيات جلسة مجلس الوزراء تتفاعل بين الشعبوية وتصفية الحسابات السياسية، ولكن وفق المطّلعين، فإن الإتصالات نجحت إلى حدّ ما في وقف الشحن الطائفي والتصعيد السياسي، خصوصاً وأن اتصالات جرت على أعلى المستويات مع بكركي لهذه الغاية، وينتظر بعد عودة البطريرك الماروني بشارة الراعي من الاردن أن تهدأ الأمور أكثر، على ضوء زيارة سيقوم بها رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي إلى الصرح البطريركي لوضع البطريرك في الأجواء التي فرضت عقد هذه الجلسة الحكومية، ناهيك إلى اتصالات جرت بين السراي وحزب «الطاشناق»، مثنية على موقفه الذي سلك الخيار الوطني في ظل ما يمرّ به البلد، من خلال مشاركة وزير الصناعة جورج بوشكيان في هذه الجلسة.
وفي هذا الإطار، وعلى خط موازٍ، فإن بعض الأوساط السياسية المقرّبة من الحزب «التقدمي الإشتراكي» و»اللقاء الديموقراطي»، أكدت أن ما قيل عن تحالف رباعي على خلفية ما جرى في الساعات الماضية من انعقاد للجلسة الوزارية، وما أحاط بها من مواقف، فذلك لا يمتّ للحقيقة بصلة، وليس هناك من أي حلف رباعي أو خماسي وسواهما، بل أن التلاقي والتفاهم جاء على خلفية إجتماعية ـ إنسانية حتّمت حصول هذه الجلسة، ولكن الحزب منفتح على سائر القوى السياسية والحزبية، بما فيهم الذين قاطعوا الجلسة، لأن الحوار مطلوب ويعتبر حاجة ماسة في هذه المرحلة، على الرغم من التباينات والإختلافات حيال ملفات عديدة.
وعلى خط آخر، ينقل بأن رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي، يحمل معه إلى القمة الصينية ـ العربية ملفاً متكاملاً حول الوضع اللبناني سياسياً واقتصادياً، ويسعى خلال هذا المؤتمر للحصول على دعم من المشاركين، لا سيما المعنيين منهم بالملف اللبناني، وبالمحصلة فإن حضور هذه القمة في هذا التوقيت، وبعد ما واكب الجلسة الوزارية من سجال سياسي ودستوري، يحمل أكثر من دلالة تصبّ في خانة تحصين الوضع الحكومي عربياً ودولياً، بدليل مشاركة ميقاتي في هذا الحدث، وصولاً إلى قطع الطريق على رئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل ورئيس الجمهورية السابق ميشال عون، على خلفية ما قاما به في الأيام الماضية لعرقلة عودة مجلس الوزراء إلى عقد جلساته، إضافة إلى ما تحمل هذه المواقف من إشارات رئاسية ربطاً بالصراع الدائر على خط عين التينة ـ ميرنا الشالوحي، وما بينهما المؤسّس لـ «التيار البرتقالي».
ووصف مرجع سياسي المشهد الحالي بما سبق وجرى في العام 1989، عندما تم نسف إتفاق ريتشارد مورفي الشهير، الذي كاد يأتي بالوزير والنائب السابق مخايل الضاهر رئيساً للجمهورية، ومن هنا، فإن الرئيس عون وباسيل يسعيان لعرقلة التسوية التي قد تأتي بقائد الجيش العماد جوزيف عون، أو برئيس «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية للوصول إلى قصر بعبدا.
لذا، فإن هذه المناورات السياسية والشعبوية استُهلكت، كونها لم تحظَ بغطاء من حلفاء الرئيس عون و»التيار الوطني الحر»، أو على المستوى الدولي، حيث مشاركة ميقاتي في قمة دولية ـ عربية، اكدت المؤكد على دستورية الحكومة وشرعيتها، وإن كانت في حالة تصريف أعمال، وبالمقابل، فإن ميقاتي سيسعى في الأيام القليلة المقبلة، لإزالة أي التباسات حول ما قيل عن الجلسة الأخيرة، بمعنى أنه سيكون له دور على الصعيد المسيحي من خلال لقاءات واتصالات ومشاورات مع كل المكوّنات المسيحية، بهدف قطع الطريق على الذين حاولوا كسب الشعبوية من خلال مواقف طائفية، وهذا ما ستظهره الأيام القادمة.