يرتدي التقاطع في الموقف ما بين الأحزاب المسيحية المعارضة لاجتماع حكومة تصريف الأعمال في زمن الشغور الرئاسي، وأيضاً لاجتماع الهيئة العامة في المجلس النيابي، لمناقشة العريضة الاتهامية في حقّ ثلاثة وزراء سابقين للإتصالات، طابعاً بالغ الأهمية، وفق مصادر سياسية مسيحية رأت فيه مناخاً مختلفاً عن السابق، وإن كان التقاطع لم يفتح الباب أمام أي تلاق على المستوى السياسي أو أبعد من ذلك، خصوصاً وأن الحملات في ما بينهما بشأن الاستحقاق الرئاسي والاختلاف الكبير في مقاربة هذا الاستحقاق، لم تتوقف باي شكلٍ في الفترة الأخيرة.
لكن هذه المصادر، تضع الاعتراض الذي عبّرت عنه الأحزاب الثلاثة: «التيار الوطني الحر» و»القوات اللبنانية» و»الكتائب»، في سياق الاتفاق على عدم دستورية الجلسة الوزارية فقط وليس أكثر، وذلك في ضوء اصطفاف هذه الأحزاب الثلاثة في موقعين مختلفين من مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، إذ في الوقت الذي تعتبر فيه «الكتائب» و»القوات»، أن الأولوية يجب أن تكون لانتخاب رئيس للجمهورية، رغم أنهما على تباين في مقاربتهما لأسباب تعطيل جلسات الانتخاب، ولديهما مرشحان مختلفان لموقع رئاسة الجمهورية، حيث انه في الوقت الذي لا يزال فيه نواب «التيار» يقترعون بورقة بيضاء، فإن نواب الكتائب و»الجمهورية القوية» ما زالوا متمسّكين بانتخاب النائب ميشال معوض، في كل جلسة انتخاب لرئيس الجمهورية يدعو إليها رئيس مجلس النواب نبيه بري.
لكن هذين التقاطعين، وكما تشير المصادر نفسها، لا يحملان أي مؤشرٍ واضح على المرحلة المقبلة، فالتمايزات عديدة بين هذه القوى وهي سياسية بالدرجة الأولى وترتبط بالاتجاهات والخيارات المعتمدة طوال السنوات الماضية، وبالتالي، فإن هذا التقاطع المرحلي، يأتي من منطلقٍ مختلف لدى أيٍ من هذه الأحزاب، وهو ما لا يطرح أي احتمالات بحصول تغييرٍ على صعيد أي عنوان أو ملف سياسي أو حتى مالي أو اقتصادي. ويعني هذا الواقع، أن التركيز على الخطاب الطائفي في هذا الملف بالذات، ليس في محله، كون الخلاف دستوريا وليس طائفياً، ولا يتعلق بعنوانٍ غير عنوان احترام المؤسسات الدستورية وصلاحيات كلّ موقع في الدولة، مع العلم أن الملفات الاستثنائية التي تستلزم اجتماعاً لحكومة تصريف الأعمال، لا تواجه أي معارضة من قبل أي فريق، وبالتالي فإن الاعتراض، قد استهدف جدول أعمال الحكومة الفضفاض، خصوصاً وأن تخفيض بنوده من 65 إلى 20 بنداً، يؤكد صحة هذه المقاربة.
وانطلاقاً ممّا تقدم، تشدد المصادر السياسية المسيحية نفسها، على أن عاصفة التداعيات السياسية والشظايا التي أثارتها جلسة الحكومة يوم الاثنين الماضي، وأصابت غالبية الأطراف المحلية وليس فقط هذه الأحزاب الثلاثة، لن تؤدي إلى إعادة خلط الأوراق السياسية، خصوصاً لجهة التمهيد لأي تفاهمات سياسية جديدة على المسرح الداخلي وتحديداً داخل المجلس النيابي، وذلك على الرغم من كل ما سجّل من مواقف وحملات وتفسيرات في الأيام القليلة الماضية.