IMLebanon

فاض الكأس بين «التيار» و«الحزب» وأي تواصل رهن إعادة النظر في مسببات الأزمة

 

هل «الثنائي» وميقاتي نقضا اتفاق 3 تشرين الثاني؟.. والآلية الحكومية المنقوصة يُفترض تصحيحها

 

في كأس التيار الوطني الحر وحزب الله قليل من الماء وكثير من الخمر.

فاض الكأس أخيرا بعد مجموعة تراكمات بلغت ذروتها حين سلّم الحزب الرئيس نجيب ميقاتي ورقة التحكّم بمسار تأليف الحكومة بلا قيد أو شرط.

يومها صارح جبران باسيل قيادة الحزب بأن تكليف ميقاتي بلا إتفاق مسبق ضرب من العبثية. صحيح أنه كان يفضّل الإتفاق على شخصية من خارج التقليد لا من صلب المنظومة وأحد أعمدة النيو- الترويكا، لكنه حضّ الحزب، في أضعف الإيمان، على صوغ تفاهم يسبق تكليف ميقاتي، وإلا فإن الرجل سيظل يراوغ حتى لا يشكّل ولا يسوّي الوضع الحكومي. وهذا ما حصل مع إنتهاء عهد الرئيس ميشال عون.

سبق لميقاتي أن كرر كثيرا، حينها، أن في جيبه ورقتا لوتو: في اليمين ورقة التكليف وفي اليسار ورقة حكومة تصريف الأعمال. هو في وضع win win situation، ولن يُقْدم على أي خطوة حكومية ما لم يتأكد أنه سيفرض رأيه، وإلا فلتبقَ حكومة تصريف الأعمال.

بعد الفراغ، ارتأى الرئيس ميقاتي عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال من خارج التوافق، مع اعتماد إصدار المراسيم والقرارات بتوقيعَيْن له وتواقيع الوزراء المعنيين حصرا. إنفضّ عن ممارسة سبق أن اعتمدها الرئيس تمام سلام إبان الفراغ الرئاسي بين عهدي ميشال سليمان وعون، حين حرص سلام على أن تنعقد أي جلسة لحكومته (كانت أصيلة لا كحكومة ميقاتي الميتة دستوريا) بموافقة كل مكوناتها، وألا يصدر أي مرسوم أو قرار إلا ممهورا بتواقيع كل الوزراء.

أفتى فريق ميقاتي عليه بالآلية المنقوصة التي وضعت الوفاق الوطني على محكّ عناده ومن يرعاه. وحصل أن انعقدت أولى جلسات حكومة تصريف الأعمال في غياب ثلث الحكومة ومن خارج التوافق الوطني. وكان أن صدرت مراسيم تحمل شبهة دستورية وقانونية وميثاقية، بأن استبدل ميقاتي توقيع رئيس الجمهورية بتوقيعه، خلافا لما فعل سلام.

عاب التيار على حزب الله هذا التصرّف بعدما ثبت أن ميقاتي ما كان ليقدم على فعلته لولا غطاء الثنائي الشيعي، وبتشجيع من أحد فرعَيه.

وغنيّ عن الذكر بأن اتفاقا حصل رعته قيادة الحزب وكرّسته جلسة مجلس النواب في 3 تشرين الثاني، قضى بوضع ضوابط لعقد أي جلسة حكومية، وبحدّين لا ثالث لهما: توافق كل مكونات الحكومة على إنعقادها، والضرورة القصوى الواجب تعليلها في أي دعوة.

نفى حزب الله وجود هكذا إتفاق. لكن فاته أن ميقاتي نفسه في كلمته في الجلسة النيابية قال ما حرفيته: «في موضوع ممارسة الحكومة مهامها، فأنا أعي تماما أنه عندما يتحدث الدستور عن تصريف الأعمال بالمعنى الضيق، فهو حتما يميز بين حكومة كاملة الأوصاف وحكومة تصريف الأعمال، وهذا الامر ينطبق في الأيام العادية. ولكن عندما تقتضي المصلحة الوطنية العليا، سأستشير المكوّنات المشاركة في الحكومة لاتخاذ القرار المناسب، بدعوة مجلس الوزراء إذا لزم الأمر، وأنا لست في صدد تحدي أحد، ولا ضد أحد. سنتشاور في أي موقف ونتخذ القرار المناسب».

وحسب اوساط التيار الوطني الحر أسقط ميقاتي هذا الإتفاق عن سابق تصوّر وتصميم. لم يتشاور مع مكونات الحكومة بل فعل مع بعضها القليل، ووضع جدول أعمال فضفاضاً من نحو 360 بندا قبل أن يقلّصه مرتين: مرة تحت الضغط ومرة أخرى بقرار من حزب الله. وفي الحالات الثلاث الكثير من بنود اللغو حيث تنعدم الضرورة القصوى، من مثل إنشاء معهد للأحداث (أي طارئ هذا) وتأمين اعتمادات مالية لفتح طرق المنتجعات الجبلية (كذا!)، فيما سبق لميقاتي أن صرف ملايين الدولارات سابقة لإجتماع الحكومة بقرارات عادية. وكان في مستطاعه، لو صحّت الذريعة، أن يفعل الشيء نفسه في إعتمادات المستشفيات وشركات استيراد الأدوية. لكنه آثر وراعيه أن يستخدم هذه الحاجة ذريعة للإفتئات وتسعير الانقسام.

 

التيار الوطني الحر وضع حزب الله أمام هواجسه: وما يراه «الحزب» من الصغائر يراه «التيار» من الكبائر

 

ad

المهم أن التيار وضع حزب الله أمام هذه الحقائق. ويُنتظر أن يأخذ أي تواصل بينهما هذه الهواجس في الإعتبار. وما يراه حزب الله من الصغائر يضعه التيار في خانة الكبائر التي إن مرّت هذه المرة ستُكرّس عاهة عند المسيحيين أجمعين.

ليس تفصيلا أن يوقّع مقياتي بدل رئيس الجمهورية، وأن يُطبّع مع الفراغ كأن الرئاسة عرش ملكي بريطاني، وأن يمثّل لبنان في القمم الرئاسية كأن الـbusiness as usual. مجددا، عودوا إلى ما نقلته آن غريو إلى البطريركية المارونية على لسان إيمانويل ماكرون!