تجري إتصالات بعيدة عن الأضواء بين رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي وكل من البطريرك الماروني بشارة الراعي ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، إضافة إلى رئيس الحزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، وقوى سياسية وحزبية، وذلك على خلفية ترتيب الأوضاع قبل انعقاد جلسة مجلس الوزراء، والتي ستكون الجلسة الثانية بعد كل ما واكب الجلسة الأولى من هرج ومرج وخلافات وحملات سياسية. وبالتالي، ينقل أن ميقاتي يؤكد أمام زواره أنه لن يتحمل تبعات هذه الجلسة، ولذلك، يسعى لتأمين غطاء مسيحي واسع، وتواصله مع بكركي مستمرّ بعدما أكد للبطريرك الراعي بأنه لن يقدم على أي خطوة أو «دعسة ناقصة»، بحيث ينقل أن البعض نصحه بلقاء رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل، كي يتجاوز أي مطبّات قد تواجهه على غرار ما حصل مع «التيار» في الجلسة الأولى.
ولكن المحيطين برئيس حكومة تصريف الأعمال، يرون أن ثمة صعوبة واستحالة لعقد مثل هذا الإجتماع، باعتبار أن ميقاتي، والذي لم يعطِ رئيس «التيار البرتقالي» أي فرصة قبيل تشكيل الحكومة، وخلال كل المحطات، وحيث لم يقبل نصيحة الرئيس السابق ميشال عون بلقاء باسيل بعدما سبق وأن أصرّ عليه أكثر من مرة قبل انتهاء عهده، فهو، وفي هذه المرحلة بالذات، لن يقدم على أي خطوة لتعويم باسيل، لأن لا صلاحيات لرئيس «البرتقالي» أو ما يستوجب أخذ نصيحته والوقوف على رأيه، فصحيح أن لديه وزراء يمثّلونه في الحكومة، لكن ذلك لا يعني اللقاء به باعتبار أن ميقاتي، قد تشاور مع وزراء «التيار» والمقرّبين من عون، وليس هنالك من أي تعيينات أو استحقاقات كبيرة وبحث في الإنتخابات الرئاسية، بل ان الأمور محصورة حكماً ووفق الدستور بتسيير شؤون الناس، وهذا ما يستدعي انعقاد مجلس الوزراء على هذه الخلفية، وعطفاً على تلك الأجواء، فإن ميقاتي الذي وضع سيد بكركي في خطواته ووعده بالتشاور مع الوزراء المسيحيين، فإنه لن يلتقي بباسيل أو يدخل معه في أي صراع سياسي ومساجلات، فتلك هي الخطوط العريضة التي سيسلكها وفق ما ينقل عنه، وهو حاسم بهذه الخيارات وكل خطوة يقوم بها على هذا الصعيد.
وعلى خط آخر، يؤكد المحيطون بميقاتي، أن عمل الحكومة في هذه المرحلة قد يبقى على الوتيرة نفسها على صعيد مجلس الوزراء، وحصره ببعض العناوين الحياتية والإقتصادية، إلا في حال تبيّن للجميع أن الشغور قد يصل إلى أشهر عدة، وعندئذ قد يحصل التوافق بين الحكومة والمجلس النيابي لإعطائها صلاحيات لا تدخل أو تأخذ من صلاحيات رئيس الجمهورية، ولكن من أجل إعطائها هامشاً واسعاً على المسارات المالية والإقتصادية، إن على صعيد الحوار مع صندوق النقد الدولي أو مع بعض الدول المانحة، والتي تقدم مساعدات للبنان نظراً لظروف مؤسسات الدولة الصعبة، وبالتالي، ان مثل هذه الخطوات تحتاج إلى إجماع وتوافق داخلي، وهذا ما ستظهره الأيام المقبلة، أو أقلّه ترقّب اللقاء الرباعي وبعض التحرّكات الداخلية والخارجية، إذ عندئذ يتبيّن الخيط الأبيض من الأسود على صعيد الاستحقاق الرئاسي، بمعنى هل ثمة تسوية رئاسية قريبة، أم أن هناك إقراراً بأن فترة الشغور طويلة؟
ويخلص المواكبون أنفسهم، إلى أن المخاوف من استمرار التعطيل وعرقلة جلسة مجلس الوزراء، إنما قد تأتي على خلفية الصراع الدائر بين عين التينة وميرنا الشالوحي، ومن الطبيعي مع الرئيس عون، فذلك، من شأنه أن يؤدي في سياق تصفية الحسابات السياسية إلى إعادة خلط الأوراق على الساحة الداخلية، لا سيما وأن ميقاتي سيكون إلى جانب رئيس المجلس النيابي في المعركة التي يخوضها ضد «التيار الوطني الحر» وهذا ما سينعكس سلباً على كل المسارات الرئاسية وسائر الإستحقاقات الدستورية والإقتصادية.