لم يعد الوقت يسمح بمزيد من الخلافات السياسية المتواصلة، بين رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي ورئيس” التيار الوطني الحر” جبران باسيل، لانّ امور المواطنين المعيشية عالقة، كما بواخر الكهرباء الراسية في عرض البحر، تنتظر من يفك أسرها وأسر اللبنانيين القابعين في العتمة الحالكة، فيما لا يأبه المتخاصمون لكل هذا، لانّ الكهرباء مؤمّنة لهم مع كل مستلزمات الحياة، وحده المواطن اللبناني يدفع الاثمان الباهظة، ويتحمّل غرامات تأخير عمل تلك البواخر وعدم إفراغها الفيول الذي ينتظر الاعتمادات والوساطات، التي تعمل على كل الخطوط منها الاتصالات المكثفة واللقاءات البعيدة عن الاعلام لإرضاء الفريقين، فيما صرخات المواطنين التواقين للحصول على اقل حقوقهم ، أي الكهرباء التي وُعدوا بها وتسابق المعنيون على كيفية تحصيل فواتيرها، بالتسعيرة الجديدة المرتفعة، قبل تأمينها للبنانيين ولو لساعة واحدة في اليوم.
الى ذلك يؤكد المقرّبون من الرئيس ميقاتي، بأنّ الدعوة الحكومية تنتظر إعلانها الرسمي، وبأنّ رئيس حكومة تصريف الاعمال عازم على دعوة مجلس الوزراء الى الانعقاد، وقد وجّهت الامانة العامة كتاباً الى الوزراء لاطلاعهم على مشروع جدول أعمال الجلسة المقبلة للحكومة، قبل تحديد موعدها تطبيقاً للمادتين ٦٢ و ٦٤ من الدستور، على ان تعالج قضايا معيشية هامة لا تحتمل التأجيل، وفي طليعتها ملف الكهرباء والسلفة التي يجب ان يقرّها مجلس الوزراء لشراء الفيول.
ولفت المقرّبون الى انّ مجمل الافرقاء سيشاركون في الجلسة، فيما يستمر موقف الوزراء المحسوبين على “التيار الوطني الحر” غامضاً، فهو بدأ بنبرة عالية ثم ما لبث ان خف بعض الشيء، في انتظار الموقف النهائي.
وفي السياق نالت الجلسة المرتقبة الضوء الاخضر من رئيس مجلس النواب نبيه بري، اما حزب الله الموافق على إنعقادها، ما زال يبحث عن تدوير الزوايا مع رئيس” التيار” كي لا يساهم في تطوّر الاشكال الحاصل ، خصوصاً بعد إنعقاد الجلسة الحكومية الماضية والتداعيات التي ادت اليها، بسبب غضب باسيل وتهديده بالطعون، لكن وعلى ما يبدو فإن عدم” شطحة ” رئيس “التيار” ليل الثلاثاء الماضي، وخلال اجتماع تكتل “لبنان القوي” الذي استمر لأكثر من ست ساعات في منزله في البيّاضة، من دون إتخاذ قرار” يُزعّل” الحزب، اذ لم يسمّ باسيل الخيار الثالث بسبب المناقشات التي توالت خلال الاجتماع، بين اعضاء “التكتل” وإعتبار معظم النواب العونيين بأنّ التعقل هو الحل المطلوب في هذه الظروف، منعاً لتفاقم الخلاف السياسي مع حارة حريك، وافيد بأنّ بعض التوتر ساد خلال الاجتماع، بسبب الإختلاف في وجهات النظر، اذ إعتبرت بعض الاصوات النيابية الحاضرة بأنّ ترشيح نائب من خارج التكتل”هو إهانة لنا جميعاً “، وُترك الامر لاجتماع مرتقب لحل هذه المعضلة، وحينئذ تم الاتفاق على اعتماد خيارين خلال الجلسة الرئاسية، التي كانت ستعقد امس الخميس لكن تمّ إرجاؤها بسبب وفاة رئيس مجلس النواب السابق حسين الحسيني، فإما العودة الى الورقة البيضاء من باب عدم إقفال الخط السياسي مع حزب الله، وإما الاستعانة بشعارات وطنية لكتابتها على ورقة التصويت، تكون كخلاص و”عدم حشر التيار اكثر”.
وعلى خط مغاير، ورداً على كل ما يقال عن اقتراب طلاق “التيار” و”الحزب” وزوال” تفاهم مار مخايل”، يشير وزير سابق خلال حديث لـ ” الديار” الى أنّ كل ما يردّد في هذا الاطار، ليس سوى تأويلات وتحليلات بعيدة عن ارض الواقع، لانّ الطرفين يحتاجان الى بعضهما ضمن عنوان “المصالح تقتضي”، لذا لا مجال لهذا الفراق، خصوصاً انّ رئيس “التيار” جبران باسيل محتاج الى دعم الحزب، بعدما بات وحيداً وضمن عزلة غير مسبوقة، وحزب الله بدوره يحتاج الى غطاء مسيحي يوفرّه له “التيار”، لذا لا يراهن احد على هذا الموضوع، كاشفاً عن لقاء سيحصل قريباً بين الفريقين.