Site icon IMLebanon

ما بين “جدولَي أعمال” الضاحية والسرايا: هل من ثمن؟

 

الى الهَم المتصل بمصير جلسة انتخاب الرئيس الـ11 الخميس المقبل، فرضَت دعوة رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى جلسة لمجلس الوزراء غداً آلية جديدة لمواجهة ما هو متوقّع. وأبرزها تلك المواجهة المتوقعة بين اقتراحي ميقاتي و»حزب الله» من جدول أعمال الجلسة، خصوصاً بعدما تجاهَل ميقاتي مطلب الحزب. فهل سيكون في قدرته تجاوز ردة فعله؟ وهل صحيح انّ عليه ان يدفع ثمن دعم الحزب له في الجلسة الأولى؟

أمّا وقد بَكّر رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي صباح أمس في توجيه الدعوة الى الجلسة الثانية لمجلس الوزراء منذ خلو سدة الرئاسة لتُعقد عند العاشرة قبل ظهر غد، فقد قطع الشك باليقين بأنه لم ولن يلتزم بالشروط التي وضعها «حزب الله» للمشاركة في هذه الجلسة وتَحمُّل التبعات المترتبة عليها لجهة العلاقات الملتبسة مع «التيار الوطني الحر» والتي اقتربت من انفجار ما – بحسب بعض التوقعات – منذ ان ساهم في ترتيب الجلسة الاولى في 5 كانون الأول العام الماضي غصباً عن وزراء «التيار» واصدقائهم المتضامنين معهم، رفضاً منهم للعودة الى الجلسات العادية للمجلس في غياب رئيس الجمهورية والآلية التي فرض تطبيقها ميقاتي مُختصراً توقيع المجلس الذي آلت إليه صلاحيات الرئيس مجتمعاً وبالإنابة بتوقيعه مُنفرداً باسمه.

 

وقبل البحث في تداعيات المواجهة المحتملة على اكثر من مستوى لا بد من التذكير بأنّ موقف «حزب الله» العلني الذي كشف عنه منذ الحديث عن احتمال الدعوة الى عقد الجلسة الثانية منتصف الأسبوع الماضي كان واضحاً جداً، والذي يمكن توصيفه بالقول: انّ الحزب تمنّى صراحة على الرئيس ميقاتي حصر جدول الأعمال بملف الكهرباء والمراسيم الخاصة المتصلة بكل جوانبه لجهة ثمن الفيول الموجود في البحر على مسافة مئات الأمتار من مصانع الطاقة، الى مستلزمات البَت بالفيول العراقي واستكمال الإجراءات لنقله وإجراء عمليات «السواب» التي تسمح باستبدال ما لا يمكن استخدامه منه بتلك التي تحتاجها وتتناسب مع حاجات معامل الطاقة في لبنان.

 

وفي الوقت الذي وصف موقف الحزب بأنه بقيَ على مسافة متساوية من رفض وزراء التيار للجلسة من جهة، وإصرار ميقاتي على عقد الجلسة مدخلاً وحيداً ـ كما يصرّ – للبَت بمسألة توفير الطاقة لزيادة ساعات التغذية عبر مؤسسة كهرباء لبنان من جهة اخرى. وذلك بغية تسهيل المساعي المبذولة لترميم العلاقة بين الحزب و»التيار» التي اهتَزّت منذ الجلسة الاولى الى حدود تهدد بالقطيعة بينهما. إلّا ان هذا الأمر لم يقدّم ولم يؤخّر في موقف ميقاتي الذي اكد مستشاره الاول الوزير السابق نقولا نحاس منذ قبل عطلة نهاية الأسبوع ما حرفيته ان «لا شروط على جدول الأعمال الذي لا يمكن أن يقتصر على الكهرباء ولا علاقة لهذا الأمر بقرار مشاركة الوزراء وانسحابهم من بعد مناقشة بندَي الكهرباء. فتصرف من هذا النوع حق دستوري وليتحمّل كل طرف مسؤوليته».

 

وإزاء هذا الموقف المتشدد الذي ألقى المسؤولية مُسبقاً على المعترضين على الجلسة من وزراء التيار واصدقائهم، فقد شمل الرد ايضا موقف «حزب الله». وهو وفي الوقت الذي لم يُعِر اي اهمية لموقف الحزب، فقد عمّمت الامانة العامة لمجلس الوزراء صباح أمس جدول الأعمال «الفضفاض» عينه الذي تم تعميمه بعد شَطب البند الخاص بترقية الضبّاط إبتداء من 1/1/2023، في تعبير عن تفسير دستوري لصلاحيات رئيس الحكومة في مثل هذه الحالات يقول «ان مسألة تحديد بنود جدول الاعمال هي من صلاحياته حصراً والتي لا يشاركه فيها أحد ما خَلا واجب إطلاع الوزراء عليها مسبقاً والتوقف عند ملاحظاتهم إن وُجِدت». وأن ذلك يجري بمعزل عن المواجهة المفتوحة مع الوزراء الذين رفضوا المشاركة في الجلسة ورأيهم في شرعيتها شكلاً ومضموناً.

 

وبعيداً من المُنازلة التي أطلقتها دعوة ميقاتي الى عقد الجلسة غداً، فقد باتَ على المراقبين تَرقّب الموقف النهائي لوزراء «حزب الله» بعد التثبّت من ثبات موقف الوزراء المقاطعين لرصد المرحلة المقبلة وما يمكن ان ينتج عنها من تطورات لن تقف عند حدود طريقة التعاطي مستقبلاً بين وزراء الحزب وميقاتي من جهة، والتي يمكن معالجتها بالقناة المفتوحة بين ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري الذي يتكفّل برعاية العلاقة بينهما، كما على مستوى العلاقات التي يمكن ان تزداد سخونة بين الحزب والتيار، خصوصاً انّ الايام المقبلة تضجّ بالخطوات والأحداث التي تعتبر على تَماس حاد تزيد من الشرخ القائم بين الطرفين.

 

وعليه، فإنّ الجميع يدرك انه، وإلى الموقف من جلسة الحكومة نهار غد ومصيرها المرتقَب، فإنّ دعوة بري الى عقد الجلسة الـ11 من جلسات انتخاب الرئيس بعد غد الخميس ستتأثّر بمصير المواجهة المفتوحة بين «التيار» والحزب. وستكون «الورقة البيضاء» إحدى أبرز وجوه الالتباس بين الطرفين. وهنا يبرز احتمال ان يُبدّل نواب التيار من طريقة التعاطي بهذه الورقة، بعدما تم تجاوز هذه القضية مطلع الاسبوع الماضي بالعودة الى الالتزام بها، قبل ان تتسبّب وفاة الرئيس السابق لمجلس النواب السيد حسين الحسيني بتطيير جلسة الخميس الماضي وتأجيلها الى الخميس المقبل.

 

وبناء على ما تقدّم، طُرح كثير من الاسئلة ومنها على سبيل المثال لا الحصر ما ستكون عليه التطورات المتصلة بجلسة مجلس الوزراء، ومنها:

 

هل سيكون في قدرة ميقاتي الاستمرار في جلسة مجلس الوزراء اذا غادرها وزيرَا «حزب الله» للبَت بالملفات غير تلك المتصلة بقطاع الكهرباء؟ وهل يمكنه تَحمّل تبعاتها؟ وماذا سيكون عليه حجم الضمانات التي يمكن ان يقدمها بري لميقاتي لمنع رد فعلٍ قاس من «حزب الله»، خصوصاً ان صَحّت نظرية تقول ان الحزب يريد تدفيع ميقاتي ثمن فاتورة تأييده في الجلسة الأولى للحكومة وما تَرتّب عليها من أثمان تجاه حليفه «التيار؟ وهل وَفّر رئيس الحكومة الوزيرين البديلين من وزيري الحزب بمشاركة وزيري الاقتصاد والسياحة أمين سلام ووليد نصار في شكل نهائي ومضمون؟ وإن وافق مجلس الوزراء على اقتراحات وزير الطاقة التي سَلّمها الى الأمانة العامة لمجلس الوزراء من دون حضوره، كيف يمكن ان يصدر المرسوم الخاص بها، بالطريقة التي اعتمدت عند تجاوز امتناع وزيري الشؤون الاجتماعية والدفاع هيكتور حجار وموريس سليم عن توقيع مرسومين خاصين بوزارتيهما؟

 

وإن كان من الصعب توفير الإجابة عن مجمل هذه الاسئلة فعلى المراقبين رصد تطورات الساعات المقبلة وحتى خطاب الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله عصر غد لجَوجلة مواقف الحزب من كل ما هو مطروح.