IMLebanon

أمام “الاجتياح السوري” هل يراجع “التيار” حساباته ويشارك… أم لا ثقة؟

 

 

بعد انكشاف الأعداد المخيفة للنازحين السوريين في لبنان والتي قاربَت الـ ٣ ملايين نازح، وبعد ارتفاع النسبة المئوية للموقوفين منهم، والتي تخطّت الـ 1788 موقوفاً، أي بنسبة 28 % من معدل الموقوفين في السجون اللبنانية! وأمام ارتفاع نسبة الشكاوى المقدّمة من السوريين امام قصور العدل! يمكن عَنونة المشهد الحقيقي للوجود السوري في لبنان بأنه لم يعد نزوحاً ولا لجوءاً بل أصبح “احتلالاً” إن لم نقل “اجتياحاً”.

أمام هذه الحقيقة التي يتلمّسها اللبنانيون عملياً يوماً بعد يوم، كلّ على طريقته، والتي تفاقمت سلبياتها على مسار عيشهم، بات من الضروري البحث جدياً عن حلول جذرية لهذه الازمة المستفحلة والتي أصبحت حتّى بالنسبة الى “السياديين” اللبنانيين أهم من بند “الاستراتيجية الدفاعية”، في نظر البعض منهم! إذ يرى هؤلاء انّ سلاح “حزب الله”، وإن شَكّل خطورة في ما مضى خصوصاً بعد تجربة 7 أيار، فإنه انكفأ اليوم بعدما أدرك حجم الضرر وخطورة المساس بالسلم الداخلي والتسبب بعودة الحرب الاهلية، فتَعقّل وفق قاعدة “لو كنت أعلم”… وأمام هذه “العقلانية “والواقع يرى هؤلاء انّ “سلاح الحزب” لم يعد يشكل هلعاً لدى اللبنانيين مقابل “القنبلة النووية” الأفتك، والتي يتخوّفون من أن يفجّرها الوجود السوري في لحظة مباغتة! وذلك بعد تمكين “احتلاله” للبنان وتثبيته عدداً قولاً وفعلاً…

 

حماسة ميقاتي!

وربما لهذه الاسباب دعا رئيس حكومة تصريف الاعمال نجيب ميقاتي الى عقد جلسة حكومية جامِعة لكافة الاطراف على جدول أعمالها بند وحيد هو النزوح السوري، وذلك قبل سفره للمشاركة في القمة العربية التي ستنعقد في 19 ايار الجاري في جدة.

وفي المعلومات انّ أوساطاً مؤيّدة لعقد الجلسة الحكومية طرحت فكرة البند الوحيد على جدول اعمالها، أي النزوح السوري، وعرضت الفكرة على ميقاتي فوافَق، وذلك ربما بِهَدف جَرّ الوزراء المقاطعين الى المشاركة في الجلسة او اعادة النظر في إمكانية المشاركة في حال تأكدوا من انّ الجلسة ستقتصر على بند وحيد يعنيهم، وهو النزوح السوري! والذي من المفترض اعتباره طارئاً وضرورياً ويستوجِب تجميد المقاطعة بحسب هؤلاء!

الّا انّ الحسابات السياسية لم تتطابق مع حسابات البيدر التي ما زالت تربض بالمرصاد لكل المحاولات الخفية والعلنية لعقد جلسة جامعة لكافة الوزراء، والدليل انّ عدداً من الوزراء المعارضين أعلنوا عن ثبات موقفهم في “عدم المشاركة في اي جلسة حكومية حتى الساعة”، لكنهم في الوقت نفسه تركوا هامشاً صغيراً غير مُقفل يمهّد لإمكانية مشاركتهم وفقاً لمستجدات أو ليونة محتملة لمرجعياتهم السياسية التي قد تجعلهم يعيدون النظر!

وهنا يطرح السؤال؟ هل من مستجدّات ستدفع الفريق المقاطع الى تعديل موقفه من المشاركة في جلسات حكومة تصريف الاعمال؟ وما هي؟

والسؤال الثاني: هل من خرقٍ جديد في صفوف الوزراء المقاطعين؟ ام انّ رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل شخصياً هو من سيتبدّل موقفه من قرار المقاطعة امام استشعاره بخطورة الملف المطروح تماماً كما فعل عندما قرر المشاركة في الجلسة النيابية للتصويت على تأجيل الانتخابات البلدية؟!

وهنا تجدر الاشارة الى انّ باسيل كان السبّاق الى التحذير من تداعيات النزوح السوري، واتّهم يومها بالعنصرية عندما حذّر من خطورة الدمج… ولذلك السؤال الكبير المطروح اليوم هو: هل سيقتنع باسيل بضرورة المشاركة في الجلسة ذات البند الوحيد على قاعدة “انها معركتي” ولا يمكن تجيير “هندسة الحل” لحساب ميقاتي بخاصة اذا تكلّلت بالنجاح؟!

 

معارضة وموالاة؟

الخرق الاول جاء مِن وزير شؤون المهجرين عصام شرف الدين “العدو اللدود” السابق لميقاتي! ولكن وبحسب أداء شرف الدين، الضرورات تبيح المحظورات، ولذلك هو مقتنع بالمشاركة في الجلسة المقبلة وأعلنها علانية من السرايا الحكومية بعد “المصالحة” مع ميقاتي.

وفي السياق، يعتبر المؤيدون لفكرة المشاركة والمعترضين سابقاً ان الرئيس ميشال عون هو الذي بدأ معركة مُجابهة النزوح السوري عام 2011 كما هو الذي كشفَ حديثاً عن المؤامرة الكبيرة التي تحضّر للبنان، ونَبّهَ الى الخطر الوجودي الذي يتهدد الوطن والشعب بسبب تداعيات النزوح السوري… ويذكّر هؤلاء انّ باسيل هو مَن أكمَل المعركة لكنها انتقلت من الأمن الى السياسة، ويتساءلون اذا كان باسيل سيرضى بأن يقطف حل “ملف النزوح” أيّ فريق آخر على حسابه!

 

من جهة أخرى، تلفت الاوساط المتابعة والمعنية بملف النزوح الى أن وزراء التيار، وتحديداً وزيري الداخلية والخارجية، هما المعنيّان الاكبران في ملف النازحين، وتذكّر أن ميقاتي شخصياً كلّف وزير الشؤون الاجتماعية متابعة الملف ودرسه في الداخل والخارج، ومن كافة جوانبه. وتتساءل هذه الاوساط كيف ستعقد جلسة خاصة بالنازحين السوريين في غياب وزير الشؤون الاجتماعية هيكتور حجار؟ ومن سيتكلم عن الملف؟ خصوصا انّ كل المعطيات لدى حجار، وكذلك الامر بالنسبة الى وزير الخارجية عبد الله بو حبيب الذي يملك ايضا معطيات دقيقة وجزءاً مهماً من ملف النازحين لا يقل أهمية عن ملف حجار! وتتساءل: “كيف ستعقد جلسة في غياب هذين الوزيرين المعنيين بمعالجة ملف النزوح؟ ومن سيتكلم خلال الجلسة المفترضة في حال غيابهما؟

 

الحكومة محكومة بالانعقاد؟

وتلفت مصادر حقوقية الى انّ حكومة تصريف الاعمال قانوناً ودستورياً هي محكومة بعقد جلسة أمام المستجدات وتفاقم الضرر الذي ألحَقه النزوح السوري بالدولة اللبنانية، وذلك في حضور جميع وزرائها، لأنها محكومة بالانعقاد عند الامور الخطيرة والضرورية والملحّة… وترى تلك المصادر انّ ملف النزوح مطابق لمحكومية الضرورة الملحّة، إذ يُعتبر بما هو عليه اليوم من أكبر وأخطر الملفات الضرورية والملحّة التي تستوجب اجتماعا طارئا للحكومة.

في المقابل تتساءل الاوساط المعارضة لتلك الجلسة: “في حال عَقد ميقاتي الجلسة مَن سيُدلي بالمعلومات لمجلس الوزراء حول الملف؟ وعلى اي اساس سيُتّخد القرار اذا لم يُدلِ الوزراء المكلفين والمعنيين بمعلوماتهم وتقاريرهم حوله، لا سيما منهم حجار وبو حبيب؟

مصادر باسيل: لا ثقة

من جهتها، تصرّ مصادر باسيل على القرار بعدم المشاركة في الجلسات الحكومية، وتعتبر خطوة ميقاتي محاولة لجرّ الوزراء التابعين للتيار… وتؤكد قرار باسيل “الحاسم بعدم المشاركة”، وذلك بسبب انعدام الثقة بميقاتي “حسب تعبيرها…”، وهو الذي قدّم في السابق للرئيس عون الوعود الكثيرة ولم يفِ بأيّ منها.

وذكّرت تلك المصادر ببعض تلك الوعود وأبرزها وعده بإنهاء ملف حاكم مصرف لبنان رياض سلامة بعد الانتهاء من الاجتماع مع مسؤولي صندوق النقد الدولي ومغادرتهم لبنان، لكنّ الوفد جاء وغادر ورياض لم يغادر، اي لم يفعلها ميقاتي… وذكّرت مصادر باسيل بملفات اخرى كثيرة متشابهة “نَكثَ فيها ميقاتي بوعده لفريق العهد”…

وحين تُسأل مصادر باسيل عن إمكانية عدوله عن قراره بالمشاركة مقابل مُقايضة ببعض الملفات المهمة المطلوبة من ميقاتي سابقاً، لا سيما منها تلك التي تخصّ المسيحيين تحديداً وتحسّن وضعهم ومواقعهم في الدولة؟ تجيب: “لن نشارك ولا معنى لتلك الجلسة ولا شيء فيها سوى إعطاء ميقاتي شرعية لحكومته من دون أي مردود إيجابي عملي على ملف النازحين وعلى “التيار” والمسيحيين والبلد… وحتى ولو وعدَ ميقاتي بالمقايضات فهو لن يفعلها”. وتحسم المصادر: “لن نسير بالجلسة لأنها مضيعة للوقت وتشتيت للجهد”.