IMLebanon

عودة الثنائي الى طاولة الحكومة مشروطة مدّة ومضموناً هل توسّع الحارة استثناءاتها… فتشمل ملفات سياسيّة؟

 

فجأة ومن دون سابق ممهدات، نام اللبنانيون على مفاجأة من العيار الثقيل جعلتهم «يدورون حول نفسهم مش فاهمين شو عم يصير». الثنائي الشيعي قرر تعديل قراره بتعطيل الحكومة، واعطاء استثناءات في ما خص مواضيع الموازنة والقضايا المالية المتعلقة بحياة المواطنين،احساسا بالاوضاع الصعبة للبنانيين، ولانهم «مش قد يحملوا مسؤولية الانهيار». قرارا نزل بردا وسلاما على رئيس الحكومة «الضاحك في عبو»، هو الذي حصل على الورقة التي يريدها للذهاب الى المواجهة مع صندوق النقد الدولي، فيما بعبدا وميرنا الشالوحي تضربان «الاخماس بالاسداس والفار عم يلعب بعبن» وسط سؤال واضح الى اين؟ على طريقة وليد بيك، بعد «خطوة النص ميل الشيعية».

 

خطوة الثنائي فتحت الباب واسعا امام التكهنات عن اسبابه ودوافعه،طبعا على الطريقة اللبنانية، فربطها البعض بالتطورات الاقليمية السعودية – الايرانية وبمفاوضات فيينا، فيما لم يعطها البعض اكثر من حجمها الداخلي، وهو ما قد يكون الاصح والاقرب الى الواقع، في ظل معلومات ديبلوماسية عن ان كل ما يحكى عن تقدم على المسارات سواء في بغداد او فيينا ليس سوى «بالونات اختبار»، مع تهيب كل الاطراف للحظة الفشل ومحاولة كل منهما «كبها على الآخر». في كل الاحوال، تعيد مصادر متابعة الخطوة الى مجموعة اسباب اهمها:

 

– الوضع المعيشي الشديد الخطورة في الداخل، والذي ما عاد حزب الله و «حركة امل» قادرين على تحمله، سيما في شارعهما، والذي بدأ يتحول الى تمايز كاد ينذر بما هو اخطر، خصوصا بعد تحرك الاتحاد العمالي على الارض، مقابل الهجوم الذي تعرض له مصرف لبنان، من هنا كانت الحاجة الى خطوة لتنفيس الاحتقان وتأجيل الانفجار، خصوصا ان الجميع يحمّل الثنائي مسؤولية ارتفاع الدولار وما لحقه من كوارث، كما تعطل المفاوضات مع صندوق النقد الدولي…

 

– الوضع السياسي الخطر والانشقاقات التي باتت تهدد بانفراط عقد تحالف الممانعة والمقاومة، في ظل الخلافات بين التيار الوطني وباقي مكونات الحلف، وان كان ثمة من يرى ان ما يجري ما هو الا مسرحية متفق عليها، غير ان الحقائق على الارض وعلى مواقع التواصل الاجتماعي تبين ان «الجماهير الشعبية عايشتها»، لذلك كان لا بد من تقديم «جائزة ترضية» لرئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر ودفعة الى الامام لرئيس الحكومة، ومن جهة ثانية الحفاظ على التوازنات الحكومية خوفا من سقوط الحكومة الميقاتية الذي لم يحن اوانه بعد، خصوصا بعد كلام «الصهر» التهديدي من بعبدا.

 

– بدأت تبرز اصوات من هنا وهناك تنتقد الحرب العبثية المشنة في مسألة ملف التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت والاصرار على «قبع» المحقق العدلي في حرب عبثية، خصوصا انه عمليا، ومع الفراغ الذي حل في «التمييز»، جعل القاضي بيطار بحكم «المعزول» وغير القادر على اتخاذ اي خطوة قبل صدور تشكيلات قضائية جزئية او كاملة، وهو غير المرجح حاليا.

 

في كل الاحوال، وفيما لن يتوقف النقاش الدائر حول الظروف والمعطيات التي دفعت بالثنائي الى «تجرع كأس سمّ العودة» المحدد جدول اعمالها في النطاق الضيق لتصريف اعمال الناس ومصالحهم،»رح تفرّخ» كل يوم قراءة جديدة قياسا على حجم المعطيات والمعلومات التي يمكن ان تغير صورة المشهد بالكامل، وما يمكن ان يؤدي اليه مع عملية مسح «توزيع الارباح والخسائر وتحديد المستفيدين والمتضررين مما حصل».

 

من هنا، ثمة حديث في الاوساط السياسية عن صفقة او طبخة، استبسل الجميع في نفيها وانكارها قبل صياح الديك، مفاده ان الخطوة الشيعية لم تأت من فراغ، وان ما حصل ليس هدية مجانية، وعلى طريقة «تبويس اللحى»، بما معناه طي صفحة التعطيل، وهو ما تؤكده الشروط التي اوردها اعلان العودة، بقدر ما هو رمي للكرة في ملعب رئاسة الجمهورية وفريقها التي اصرّت خلال الايام الاخيرة على تحميل الثنائي مسؤولية الانهيار والازمة وما آلت اليه الامور، علما ان حارة حريك تفضل ان تكون طاولة مجلس الوزراء المكان الذي تناقش فيه خطة التعافي،اي داخل البيت الواحد، لا طاولة الحوار.

 

بناء على ما تقدم، وبمعزل عن الكثير مما هو محتمل وما هو مستبعد تبقى ثابتة وحيدة، اذا ما استثنينا الضرر اللاحق بالدولة ومؤسساتها وبالمواطنين، ان العهد في مقدمة المتضررين، فيما المستفيدون كثر وسط معادلة تقول ان المستفيد الأول هو حزب الله الذي «كبّ التعطيل عن ضهرو» و «عرف كيف ينزل عن الشجرة بشروطو» وضمن قواعد اللعبة التي حددها، وان «ما حدن بمون عليه»، تماما كما اكد رئيس التيار الوطني الحر، في الوقت نفسه طمأن العهد والحلفاء بأنه لا يزال قادرا على ترميم العلاقات بين اهل البيت الواحد تمهيدا للصفقة التي يمكن ان تعيد رص الصفوف، من اعادة «الجمع الانتخابي» بين ميرنا الشالوحي وخصومها الممانعين.