3 حكومات في نهاية عهد بشارة الخوري وأول حكومة شهابية استمرّت 3 أسابيع
الحكومات اللبنانية قصيرة العمر، لم تقتصر على الحكومات التي حدّدت مهمتها بإنجاز الانتخابات النيابية فقط، والتي تراوح عمرها بين ثلاثة وأربعة أشهر، بل هناك حكومات انتهى دورها في أيام قليلة لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة، بسبب الأزمات التي كانت تعصف بالبلد، كما حصل في منتصف الولاية المجدّدة للرئيس الاستقلالي الأول بشارة الخوري، حيث «تدهور الوضع السياسي في البلاد وازدادت الحالة سوءا على سوء، وراحت المعارضة تطالب جهارا باستقالة رئيس الجمهورية (50 سنة مع الناس – يوسف سالم – دار النهار)، في وقت بدأت فيه «السفارة البريطانية تتدخّل ضده بشكل سافر» (المصدر السابق نفسه)، لأنها على حد تعبير الرئيس شارل حلو: وجدت من الأفضل لمصالحها الاعتماد على المعارضة، بدل الاعتماد على من هم في الحكم والسلطة (حياة في ذكريات – شارل حلو)، وهي استراتيجية مألوفة لدى دول أجنبية عديدة قوامها عقد تحالف مع المعارضة لإنهاء الحكم القائم.
في شباط 1952 جاء الرئيس بشارة الخوري، بحكومة سامي الصلح الذي لم يكن بعيدا عن المعارضة، فانطلقت كما يقول رئيس مجلس النواب الأسبق الراحل الرئيس صبري حمادة «رصاصة الرحمة على العهد» وذلك «حينما حضر الصلح الى المجلس بعصمة ورقتيه الشهيرتين، فسحب من جيبه الورقة التي فيها هجوم على العهد» (صفحات من حياة الرئيس صبري حمادة – مؤسسة نوفل)، وكان ذلك في مطلع شهر أيلول 1952، علما ان الصلح ختم كلمته كما جاء في محضر جلسة مجلس النواب آنئذ بالقول: «لن أطرح الثقة لأنني لا أريد الثقة منكم، وأنا ماضٍ لأقدّم استقالتي الى فخامة رئيس الجمهورية»، لكن الصلح لم يحضر الى القصر الجمهوري لتقديم استقالته، بل مضى الى بيته، فكان أن أصدر الرئيس بشارة الخوري في 9 أيلول 1952 مرسومين: أحدهما ينص على قبول استقالة حكومة الصلح والثاني يقضي بتأليف حكومة ثلاثية قوامها: ناظم عكاري رئيسا وعضوية باسيل طراد وموسى مبارك، وبعدها بدأ بالاستشارات النيابية التي اختار على أثرها وتحديدا في 12 أيلول، الرئيس صائب سلام الذي لم يوفّق بتشكيل الحكومة، فاستقال ناظم عكاري من رئاسة الحكومة، وعيّن سلام خلفا له، في 14 أيلول.
لم تهدأ حركة المعارضة التي اتسعت ضد الرئيس بشارة الخوري الذي استدعى إليه في 18 أيلول قائد الجيش آنئذ اللواء فؤاد شهاب وعيّنه رئيسا للحكومة وعضوية وزيرين هما:ناظم عكاري وباسيل طراد. وفي 23 أيلول تم انتخاب النائب كميل شمعون رئيسا للجمهورية، وبالتالي انتهت مهمة الحكومة الشهابية، التي خلفتها في 30 أيلول 1952 حكومة برئاسة خالد شهاب.
مع بدء عهد الرئيس فؤاد شهاب الذي تسلّم سلطاته الدستورية في 20 أيلول 1958 باشر على الفور بتأليف حكومته الأولى التي ولدت في 24 أيلول برئاسة الرئيس الشهيد رشيد كرامي، لكن هذه الحكومة لم تعمّر أكثر من ثلاثة أسابيع، بسبب ثورة مضادة نشبت على أثرها بقيادة حزب الكتائب بالاتفاق مع كميل شمعون لإفهام فؤاد شهاب: «اننا نحن الذين نمثّل المسيحيين في هذا البلد، والموارنة على وجه الخصوص، لا أنت» (50 سنة مع الناس – مصدر سبق ذكره).
الى ذلك، «ظلّت دقات الحزن التي أرسلتها أجراس بعض الكنائس في بيروت وبعض القرى ترنّ في الأذان، ودامت الثورة المضادة شهرا» (نفس المصدر السابق).
وعلى أثر ذلك، انتقى الرئيس شهاب وزارة رباعية جديدة في 14 تشرين الأول 1958 برئاسة رشيد كرامي تحت عنوان: «لا غالب ولا مغلوب» وضمّت كل من:حسين العويني، ريمون اده، وبيار الجميل.