مع دخول قانون «سيزر» الاميركي ضد سوريا حيّز التطبيق مطلع الاسبوع الجاري، ازدحمت الساحة الداخلية اللبنانية بالسجالات والمواقف المتضاربة، ازاء هذا القانون الذي يستهدف النظام السوري و حلفائه ، ويسمي روسيا وايران ، بالاضافة الى كل الدول والشركات والشخصيات والقوى السياسية المحلية وذلك وفق مندرجات المراحل الاربع في القانون المذكور.
ومع بدء النقاش الداخلي لمدى تأثير قانون «قيصر» على لبنان بشكل خاص، توقّعت أوساط سياسية مطّلعة، أن يضيف القانون المذكور أعباءً جديدة وضغوطاً سوف تمارسها الإدارة الأميركية على لبنان بشكل عام، وذلك، بصرف النظر عن ارتداداته على الملف المالي ومفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي.
وإذا كانت السفيرة الأميركية في بيروت دوروثي شيا قد مهّدت، ومن خلال حديثها عن القانون، برسائل واضحة الى لبنان، لكي يتعاطى الأطراف اللبنانيون بجدية مع الواقع الجديد الذي سيترتّب في المرحلة المقبلة، فإن الأوساط السياسية المطّلعة نفسها، تكشف أن ملف ضبط الحدود وإقفال معابر التهريب غير الشرعية شمالاً وبقاعاً بين لبنان وسوريا، سيكون مطروحاً بقوة، وذلك على الأقلّ في المرحلة الأولى من المراحل الأربع التي يتضمّنها قانون «قيصر».
وفي هذا المجال، تكشف الأوساط ذاتها، عن «فرملة» جرت على الساحة الداخلية من قبل المعنيين بملف المعابر الحدودية، لأية إجراءات من الجانب اللبناني قد تعرّض لبنان للعقوبات الأميركية، وذلك بعدما بات واضحاً أن هناك ترابطاً ما بين العقوبات الأميركية القاسية ومسألة المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، وبالتالي، فإن مندرجات هذه العقوبات تطال لبنان بالقدر نفسه الذي تطال فيه سوريا، مما سيضع القوى السياسية كافة أمام أمر واقع جديد كما تؤكد الأوساط نفسها، والتي ترى أن التعاطي مع هذا التحدّي الجديد، لا يجب أن يتم من زاوية المزايدات السياسية والشعبوية او التجاهل، إذ أن الإستهداف يشمل الجميع.
اما بالنسبة للمرحلة الثانية والتي تبدأ في آب المقبل، فإن ضغط العقوبات سيركّز على حلفاء دمشق في لبنان، وعلى كل الاطراف المشاركة في النزاع العسكري على الاراضي السورية، كما توضح الاوساط التي كشفت أن قانون «قيصر» سيطوّق أية عملية إعادة إعمار في سوريا، ويضغط على لبنان الذي يعاني من أزمات مالية واقتصادية صعبة من جهة، وتستعد حكومته لاستعادة التواصل مع سوريا، لا سيما على الصعيد الإقتصادي من جهة أخرى. والثابت على هذا الصعيد، وبحسب هذه الأوساط، أن الحكومة تدرس هذا القانون، ولكن من دون أية التزامات مسبقة بل على العكس، فهي أمام أولوية الأخذ في الإعتبار، وجوب تفادي أية ارتدادات سلبية له على لبنان.
في موازاة ذلك فان قراءة التطورات بعد هاتين المرحلتين تحدد تموضع واشنطن حيال علاقتها مع لبنان كما مع سوريا وايران وسائر الدول الواقعة في مثلث العقوبات الاميركي حيث لفتت هذه الاوساط الى أنه في المرحلتين الثالثة والاخيرة، من المتوقع ان تتدرج الاجراءات العقابية ليصبح لبنان امام سلسلة من العقوبات على دمشق وحلفائها من سياسين ورجال اعمال وشركات تجارية ومؤسسات مالية، مع العلم أن لوائح العقوبات ستظهر تباعاً اعتباراً من المرحلة الثانية منتصف آب المقبل وهي ستطاول عملياً كل من له علاقة عمل مع دمشق في لبنان.