Site icon IMLebanon

قانون قيصر” يطرح 5 حقائق أمام اللبنانيين

 

 

يجعل الارتباط بين لبنان وسوريا سياسياً واقتصادياً ومالياً، وغياب الحدود المرسّمة بين البلدين، من الصعب تقدير حجم التبادلات التجارية والمالية بينهما، والأكيد أنّ هذه العلاقة متينة شئنا أم أبينا.

يملك السوريون ودائع بالمليارات في المصارف اللبنانية. هذه الودائع عرضة اليوم مع الدولة السورية لعقوبات جديدة مع «قانون قيصر»، والذي دخل حيز التنفيذ في السابع عشر من الشهر الجاري. وللتذكير، وحسبما ورد في القانون، تنبغي حماية المدنيين السوريين ومعاقبة حكومة بشار الأسد على الفظائع التي أرتكبتها (دائماً حسب القانون).

 

أما التوقيت فهو دقيق للغاية، لاسيما وأنّ الحكومة طلبت من صندوق النقد الدولي حزمة مساعدات تبلغ مليارات الدولارات، لذلك لا بدّ من أستدراك الوضع وتفهّم تداعيات القانون الأميركي في هذا الوقت بالذات من تاريخ لبنان. وأبسط الأمور هنا، أنّ لبنان لن يتلقّى مساعدات من صندوق النقد الدولي والمجتمع الدولي والمؤسسات المانحة، ما لم يبدأ بقطع علاقاته العسكرية والتجارية مع نظام الأسد، وهو أمر في غاية الدقة، لاسيما وانّ «حزب الله» مرتبط ارتباطاً وثيقاً بسوريا، وساعد على مرأى من المجتمع الدولي وجهاراً نظام الأسد، الذي أعتمد وبشكل كبير على المقاتلين والموارد من لبنان، الأمر الذي يجعل من «قانون قيصر» ينطبق ليس فقط على سوريا ولكن أيضاً على مجموعة كبيرة لا يمكن فصلها عن النسيج اللبناني. وقد يكون من الصعب معاقبتها دون معاقبة لبنان بكامله. لذلك وجب توخّي الحذر، اذ أنّ «قانون قيصر»، وفي العديد من بنوده ينطبق على لبنان وسوريا. كما وجب على الشركات اللبنانية، والتي ترى في أعادة إعمار سوريا فرصة جديدة لها، إعادة النظر في مخططاتها.

 

يشكّل «قانون قيصر» تهديداً واضحاً للبنان، ووسيلة لحث اللبنانيين على الادراك أنّ النأي بالنفس والابتعاد عن محور الممانعة، ومن أجل منع حدوث انهيار اقتصادي كامل، شرط مسبق للحصول على مساعدات دولية – هذا الأمر بات واضحاً- اذ لا توجد طريقة لإنقاذ لبنان من الانهيار الكامل إلّا من خلال مفاوضات مع صندوق النقد الدولي، الذي سيفتح باب الأموال الخارجية الى لبنان. ولكن كل ذلك مشروط بإصلاحات جادّة وشاملة وليس انتقائية وعلى قطاعات معينة، ولأسباب سياسية بات الجميع يعلمها.

 

«قانون قيصر» الذي يستهدف سوريا في الأساس، يمكن تلخيصه بالنقاط التالية:

 

1- إنّ الجزاءات المفروضة بموجب «قانون قيصر» لا يُقصد منها الإساءة الى الشعب السوري، انما تشجيع مساءلة نظام الأسد عمّا حدث في سوريا، وهذه اشارة واضحة لعدم الدخول في أعمال تجارية مع هذا النظام.

 

2- عقوبات على اولئك الذين يحاولون التعاطي مع النظام من ناحية إعادة اعمار سوريا.

 

3- تلبية طلبات الشعب السوري من اجل التوصل الى حل سياسي دائم للصراع السوري، تماشياً مع قرار مجلس الأمن رقم 2254

 

4- إيجاد تسوية سلمية للنزاع المستمر منذ عقد من الزمن او مواجهة المزيد من العقوبات.

 

5- جزاءات الزامية مفروضة على كل من يقوم بتسهيل شراء السلع والخدمات والتقنيات التي تدعم النظام العسكري السوري، بما فيها الطيران وانتاج النفط.

 

ويُعتبر هذا البند بالتحديد دقيقاً جداً، لاسيما وانّ لبنان ولفترة طويلة، يعتبر أنّ سوريا هي البوابة الوحيدة له في المنطقة، ولذلك وفي حال تخلّى لبنان عن سوريا إنفاذاً للقانون الأميركي، سوف ينعكس ذلك سلباً على لبنان وسوريا، وسيكون لبنان الخاسر لمورده المعتاد من الكهرباء والتي يحتاجها من أجل تلبية الطلب المحلي، فضلاً عن تجارة السلع والخدمات الأساسية، وقد نواجه كارثة في حال توقفها.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه الآن، كيف سيواجه لبنان هذا القانون ومع حكومة يعتبرها المجتمع الدولي حكومة «حزب الله»؟

 

كخطوة أولى، ومن الناحية النظرية على الأقل، فإنّ «قانون قيصر» سوف يحدّ من عمليات تهريب المازوت والقمح المدعوم من لبنان الى الأراضي السورية، وترسيم الحدود وضبطها، هما السبيل الوحيد لتوقيف عملية الهدر. ومع الحكومة هذه، وفي ظلّ العلاقات الوطيدة بين حلفاء سوريا ولبنان، لن تتوقف هذه العملية، علماً أنّها تشكّل خطوة مهمة في الإنقاذ، ولكن هل يجرؤ أحد على قطع شريان الأسد في لبنان؟ كذلك وجب النظر من الناحية المالية ونضوب الدولار في الأسواق اللبنانية بسبب تهريبه الى سوريا من أجل دعم الليرة السورية، الأمر الذي سيؤدي الى نفاد مخزون الدولار في المركزي اللبناني وتوجيهه نحو سوريا، بما يعني فقدان الدولار في لبنان بشكل نهائي وقطعي، الأمر الذي سوف يجعل سعره مرتفعاً جداً دون وجود إحتياطي كاف في البنك المركزي للجمه.

 

وهنا وجب العودة الى طاولة الحوار وإجراء مناقشات مع صندوق النقد الدولي الذي سوف يطلب، وبشكل واضح، وقف الدعم وضبط الحدود ووقف التهريب وخصخصة قطاع الكهرباء، الذي ما زال يستنزف الدولة وتسبّب في تراكم الدين بهذه الوتيرة. قد تكون الاحتجاجات في الشارع، والتركيز على محاسبة حاكم البنك المركزي ساعدت في إبعاد الغضب عن حسان دياب، الذي، ورغم قدرته الأنشائية، لم يستطع ولغاية الآن تحقيق أي إنجاز. وقد يكون خطابه الأخير صدى في صحراء، كونه غير قادر على محاربة الفساد أو سدّ مزاريب الهدر والصفقات في لبنان، علماً أنّ «قانون قيصر» قد يساعد أي رئيس حكومة في السعي، وبدعم من المجتمع الدولي، في فرملة الانهيار ووصولنا الى نقطة أللاعودة.

 

«قانون قيصر» سيف ذو حدين، وسوف يؤثر على لبنان سلباً بحكم العلاقة التاريخية مع سوريا، ولكنه قد يكون العلاج الوحيد في مواجهة حالة الانهيار هذه. والأكيد أخيراً، انّ لبنان لديه خصائصه، واللبنانيون غير مستعدين لدخول محور الممانعة، والذي هو انتحار في حدّ ذاته.