Site icon IMLebanon

ما لقيصر…

 

مسكينة حكومة الدكتور حسان دياب التكنوقراطية. فهي لم تعد تعرف من أي جهة تأتيها السهام. تتلقى الطعنة تلو الأخرى وتترنح بفعلها، بحيث يمكن توقع سقوطها سقطة لا قيامة بعدها، إذا ما انتفت الحاجة إليها.

 

والمفارقة أن الطعنات القاتلة لا تأتي ممن يعارضون هذه الحكومة، وإنما ممن فبركها وفق مصالحه ليطيح بها عندما تحين ساعتها، وفق توقيت المراحل الحرجة التي يعبرها محوره.

 

وعلامات الساعة تتسارع لهذه الغاية.

 

ولنا في الهجوم على حاكم مصرف لبنان علامة، ومن التعثر والبدائية من المفاوضات مع صندوق النقد الدولي علامة أخرى، وفي التهديد “الحزب” إلهي اذا ما أقفلت معابر التهريب علامة ثالثة… وأخيراً وليس آخراً، الضرب على الركب في مهزلة سلعاتا النابضة بالفساد والمحسوبيات… والجلب الى بيت الطاعة…

 

وهكذا، يتواصل تهشيم أسس الإنجازات التي لا يصدِّق وجودها الا صاحبها، ولا يصادق عليها إلا ثلة ساذجة من التكنوقراطيين الأشاوس، في حين يلتزم باقي أعضاء هذه الحكومة بأجندات من رفع مرتبتهم من مستشارين الى وزراء.

 

ومن جهة ثانية، لدينا هذه الفورة الطائفية المغرضة، إن عبر بعث المطالبة بالفيدرالية، أو عبر إعلان الانقلاب على الدستور والصيغة اللبنانية المنتهية صلاحيتها.

 

ومن جهة ثالثة، تتحرك شوارع مجهولة الانتماء، لتغرق مطالب الناس المحقة بطفيليات لغايات لا يعرفها الا من يحركها، وذلك في سعي للإلتفاف على إمكانية إحياء روح الحراك الذي بدأ في 17 تشرين الأول. وليس أوضح من التحرك المضاد بوجه من رفع شعار “لا للدويلة داخل الدولة ولا للسلاح غير الشرعي الذي يحمي الفاسدين”، ودعا الأمم المتحدة للعمل على تطبيق القرارات 1559 و1680 و1701 لجهة نزع سلاح “الميليشيات” وترسيم الحدود مع سوريا تحت الفصل السابع.

 

والغاية الأبعد لتفخيخ الحكومة بالتزامن مع تفخيخ الشارع، تتظهر معالمها مع اقتراب قانون “قيصر” من الأبواب اللبنانية.

 

فالظاهر أن هذا القانون لن يقرع الأبواب. سيقتحمها ويدخل، شاء من شاء وأبى من أبى.

 

ومن أبى يعرف جيداً هذا الواقع، لكنه يتشاطر على عادته. وهذه المرة يتشاطر على نفسه، ويحاول ترهيب حكومة من صنع يديه، إن تجرأت وسمحت حتى بمناقشة القانون الذي يطال لبنان مباشرة، من خلال معاقبة “شخصيات رسمية وسياسية وحزبية ورجال أعمال تربطهم علاقات تجارية بالنظام السوري”.

 

ومن أبى لم يُقَصِّر في التكتيك الكفيل بإضعاف رئيس الحكومة وهز موقعه، للتمكن من لزوم ما يلزم، عندما تتطلب مصالح مشغله الإقليمي ذلك.

 

فمن صادر السيادة وانتهك القوانين الدولية ويواصل جهوده لعزل لبنان عن أي شرعية، لا يعترف قطعاً بقانون “قيصر” القائم أساساً على أدلة تدين النظام الأسدي الممعن في قتل شعبه، وتشمل من يحميه ويدعمه ويؤخر إعلان موته السريري. وإن لم يحل ذلك دون تنديده بقتل شرطي أميركي لمواطن داكن البشرة.

 

بالتالي، هو لن يتورع عن نسف حكومته التكنوقراطية المترنحة بفعل الطعنات المسددة إليها من عقر دارها.

 

وهو قطعاً، لن يعطي ما لقيصر لقيصر، ولا ما لله لله.