Site icon IMLebanon

إفلاس و«كورونا» و«قانون قيصر».. الى أين المفر؟

 

 

يبدو لبنان في قلب المعركة المقبلة على خلفية بدء تطبيق «قانون قيصر»، ومن المؤكد انّ بيئة الاعمال ستتخذ الاحتياطات الضرورية لحماية نفسها من شظايا العقوبات المقبلة.

من المؤكد انّ دخول «قانون قيصر» حيّز التنفيذ هذا الشهر سيبدّل المشهد الاقتصادي وبيئة الأعمال في سوريا، حيث ينصّ هذا القانون على فرض عقوبات على النظام السوري لارتكابه جرائم حرب، كما يفرض عقوبات على الجهات التي تتعاون اقتصادياً مع النظام والهيئات التابعة له، وبالتالي من المتوقع أن يفاقم القانون عزلة النظام بعد ان تعيد جهات عدة، من بينها رجال أعمال ودول في الشرق الأوسط، النظر في شأن مواصلة التعامل مع النظام في ضوء المخاطر الكبيرة التي تُحدق بها. ومن الدول التي تربطها علاقات تجارية مع سوريا، لبنان الذي شكّل منذ عقود دور الوسيط بين سوريا والخارج في ما يتعلق بالمعاملات التجارية والمالية الدولية.

 

وكان خبراء دوليون حذّروا، إثر توقيع الرئيس الاميركي للقانون، من انّ نطاقه الواسع يجعله قادراً على التأثير على بعض عناصر المشهد التجاري اللبناني والشركات اللبنانية، إذ يهدف إلى محاسبة الأفراد المسؤولين عن دعم النظام السوري مالياً، كما يفسح في المجال أمام فرض عقوبات على أصحاب الشركات الأجنبية، إذا ما تبيّن أنّها مرتبطة بأي شكل من الأشكال بالموالين للرئيس السوري بشار الأسد.

 

وبالتالي، قد يواجه القطاع الخاص في لبنان صعوبة في التخلص من علاقاته مع كبار رجال الاعمال والشركات التجارية السورية الموالية للنظام، والتي تقبع حساباتها المصرفية في مصارف لبنان حالياً.

 

كذلك سيعيق «قانون قيصر» الجهود التي بذلتها الشركات اللبنانية في العامين الماضيين للمشاركة في اعادة اعمار سوريا، وقد تسقط عملية تسويق مرفأ طرابلس كمنصّة لإعادة الإعمار، حيث ينص القانون على فرض عقوبات على الأفراد الذين يوفّرون دعماً غير مباشر لمشاريع البناء والهندسة الخاصة بالحكومة السورية.

 

في هذا السياق، قال الباحث في المؤسسة الدولية للمعلومات محمد شمس الدين لـ«الجمهورية»، انه لا يمكن تحديد حجم الضرر الفعلي الذي ستتكبّده الشركات اللبنانية مع دخول قانون قيصر حيّز التنفيذ، إذ انه سبق أن تمّ عقد بعض المؤتمرات حول اعادة اعمار سوريا، أبدى خلالها عدد من المستثمرين اللبنانيين اهتمامه في المشاركة، إلا انه فعلياً لم يتم استئناف أي نشاط في هذا الاطار.

 

وفيما اشار الى أنّ معظم التعاملات التجارية بين سوريا ولبنان ترتكز على التهريب، قال انّ التعاملات التجارية الشرعية ستتضرر نتيجة هذا القانون، إلا انها لا يمكن ان تؤشّر الى حجم الضرر الفعلي «كونه لا توجد معلومات وأرقام حول إجمالي حجم المعاملات التجارية الشرعية وغير الشرعية بين البلدين، وبالتالي لا يمكن تقدير الحجم الحقيقي للضرر الفعلي».

 

وتحدّث عن حركة التبادل التجاري الرسمية بين لبنان وسوريا، حيث استورد لبنان في العام 2019 من سوريا بما قيمته 92 مليون دولار وصدّر اليها بقيمة 190 مليون دولار. وفي العام 2018، استورد لبنان منها بقيمة 91 مليون دولار وصدّر اليها بقيمة 205 ملايين دولار. كما استورد لبنان في العام 2017 من سوريا بقيمة 137 مليون دولار وصدّر اليها بقيمة 246 مليون دولار.

 

من جهته، لفت رئيس قسم العلوم السياسية والادارية في الجامعة اللبنانية وليد الايوبي الى انّ الصراعات الدولية الحاصلة ينقصها الكثير من التوازن والبصيرة في ما يتعلّق بأخلاقيات العمل. واعتبر انّ قانون قيصر سيولّد تداعيات سلبية على الافراد والشركات التي لا تربطها حتّى أي علاقات بالطبقة الحاكمة، في وقت تكافح تلك الشركات للصمود في ظل الانهيار الاقتصادي.

 

وأكد انّ سياسات «البلطجة» المتّبعة من قبل القوى العظمى على مرّ السنين لم تؤدِ سوى الى تحميل الشعوب ثمن الحروب الذي تفرضه.

 

في المقابل، يأمل بعض الخبراء من أن يشكّل قانون قيصر رادعاً امام الشركات اللبنانية التي ما زالت تقوم بعمليات التهريب من والى سوريا، خصوصاً في ما يتعلّق بالمحروقات، خوفاً من العقوبات التي يفرضها على أي دولة أو شخص أو مؤسسة تقوم بتقديم أي مساعدة لسوريا في مجالات الطاقة، بما يؤكّد ايضاً انّ الحكومة اللبنانية لن تتمكّن من مواصلة استجرار الكهرباء من سوريا.

 

كما يرى بعض الباحثين الدوليين انّ الأزمة الاقتصادية في لبنان حَدّت بشكل كبير من حجم التبادلات التجارية للشركات اللبنانية، وجمّدت أعمال ومشاريع المستثمرين اللبنانيين، نتيجة الضوابط على رأس المال المفروضة من قبل القطاع المصرفي اللبناني. بالاضافة الى ذلك، فإنّ القطاع الخاص اللبناني، خصوصاً المصرفي، سبق أن اتّبع تدابير احترازية لتفادي العقوبات الاميركية وتراجع عن إتمام العمليات مع الشركات السورية تجاوباً مع العقوبات.