«مزعوجين من الشيعة بسوريا؟! إجوكن الروم»… «بوتين واكل الجو»… «بوتين الحزم»… هذه وغيرها شعارات و«هاشتاغات» اكتسحت مواقع التواصل الاجتماعي الى جنب صور «المُخلّص» فلاديمير بوتين الذي يشنّ حرباً ضد الارهاب لحماية «الأقليات». «الأدرينالين» في أعلى مستوياته، وشعور عارم بـ«فائض القوة» يجتاح بعض أبناء الطائفة الأرثوذكسية بعدما أعادت روسيا، «الأم الحنون»، فرض نفسها دولة ذات ثقل سياسي وعسكري.
اللغط الذي أثاره تصريح لرئيس قسم الشؤون العامة فسيفولود تشابلن ورأى فيه أن «القتال ضد الإرهاب هو معركة مقدسة»، لم تخفف منه إشارة بطريرك الكنيسة الروسية كيريل، في بيان تأييد التدخل الروسي في سوريا، الى أن «معاناة المسلمين لا تقل عن معاناة المسيحيين في المنطقة»، فاشتعلت الجبهة المقابلة: «حرب مقدسة صليبية على سوريا… ضد أهل السنّة».
تشابلن «تحدث عن الواجب الأخلاقي والمقدس بالمعنى الانساني»، يقول نائب رئيس مجلس النواب السابق إيلي الفرزلي الذي يرى أن إعطاء الحرب الدائرة في سوريا بُعداً أرثوذكسياً «خطأ استراتيجي كبير. فلا علاقة للأرثوذكسية بأي عمل عسكري، وإن كان الارثوذكس هم ضحية هذا الارهاب ويتمنون عودة بلادهم الى حالتها الطبيعية». ما يحصل في سوريا حاليّاً، بحسب الفرزلي، هو «حرب الجميع ضد الارهاب المتمثل في داعش وأخواته. هذا شأن دولة كُبرى لديها أهدافها». صحيح أن روسيا هي «راعية» الارثوذكس في العالم، إضافة الى اليونان، «ولكنها دولة جدية في محاربة الارهاب لأن أمنها القومي مُهدّد». أما النشوة التي تشعر بها «الرعية» فسببها «الاستقرار الواعد الذي سينعكس إيجاباً عليهم»، علماً بأن الفرزلي يؤكّد أن هذا الاستقرار لن يأتي سريعاً، بل هو في حاجة الى مزيد من الوقت قبل أن تبدأ ملامحه بالظهور: «المعركة طويلة لأن الطبخة ستشمل وضع المنطقة كلها. والنتائج ستبدأ بالظهور بعد الانتخابات النيابية التركية».
يقرّ رئيس الهيئة الدستورية في الحزب الشيوعي موريس نهرا بأن «النعرة الطائفية» كانت قديماً وراء انتساب عدد كبير من أبناء القرى «الأرثوذكسية» اللبنانية الى الحزب الشيوعي. ويلفت الى أن الاهتمام الروسي بالجماعات الارثوذكسية ليس أمراً جديداً، «وبهذا المعنى ينظر البعض، اليوم، الى بوتين كقيصر جديد، بعدما سيطر داعش وبقية الجماعات الارهابية على المشهد العام، وبثت الرعب لدى الأقليات جميعها».
ينفي أحد أساقفة زحلة الارثوذكس مقولة «الحرب المقدسة»، إذ إن «الروس بمختلف أديانهم، مسيحيين ويهوداً ومسلمين وبوذيين، يُحاربون الارهاب». افتتاح المسجد الكبير في موسكو، أخيراً، كان «إشارة» من بوتين الى أن «الاسلام المُعتدل ليس هو المستهدف». أما في ما خص الكنيسة الارثوذكسية واللبس الذي دار حولها، فغير مُهم. هذه الأخيرة هدفها الأساسي «مباركة شعبها والعسكر الروسي الذي يُدافع بكامل أطيافه عن الاسلام والمسيحيين». و«حرب القيصر» على الارهاب لم تكن تنتظر «تكليفاً شرعياً» أرثوذكسياً.