يجزم مصدر سياسي مطلع أن كل ما قيل حول الحكومة الحالية بأنها تشكل الفرصة الاخيرة أمام الانهيار الكبير يشكل الكلام الحقيقي والواقعي حيال ما كان يمكن توقعه بشكل جازم من فلتان وإضطرابات أمنية على وقع الجوع والعوز وانهيار مؤسسات الدولة ، ليقول بالحرف الواحد ما يأتي : إنه زمن الفرص في الوطن الذي تلتف حوله مختلف الازمات وجميعها كبيرة وموجعة.
ويلفت هذا المصدر الى أن تشكيل الحكومة وسط اضطراب محلي وإقليمي ودولي شكّل فرصة للبدء بالصعود من الهاوية من خلال وجود جهة تنفيذية تملك الصلاحية وعملها محصور بتأمين الحاجيات الضرورية في حدها الأدنى ، ويعطي هذا المصدر سلسلة من التحضيرات الاقليمية والدولية لنزع بعض الالغام من درب الحكومة وفق الاتي :
1- وصول البواخر الايرانية الى لبنان دون موانع بالرغم من مسارها الطويل من إيران الى الشواطيء السورية وعلى خلفية عقوبات مفروضة على كل من سوريا وايران، وهذا الحدث بحد ذاته شكّل تطورا نوعيا في تحدي الحصار المفروض ، وبالتالي «زكزكة» الادارة الاميركية بشكل جدي التي سارعت بدورها لإيجاد البدائل عن النفط الايراني.
2- انعقاد اجتماع لبناني سوري في دمشق لأول مرة منذ عشر سنوات على مستوى رفيع دون معوقات محلية وخارجية ، وهذا اللقاء سيلحق به اجتماعات متتالية ستستفيد منها سوريا وبالتالي لبنان.
3- لقاء رباعي مصري سوري أردني لبناني في عمّان لبحث إستجرار الكهرباء والغاز بإيعاز أميركي واضح من الادارة الاميركية بواسطة سفيرتها في لبنان ، ويبدو أن كل من مصر والاردن ما كانت لتتحرك في هذا الاطار سوى بإشارة أميركية واضحة ، مع تقديم ما يلزم من دعم أميركي في هذا الاطار.
4- زيارة وزير الدفاع السوري إلى الأردن التي لا يدخل إليها ضيف من دون أن يضع الأميركي مفتاحه في الباب للتنسيق بين البلدين ، فيما يرى هذا المصدر أن هذا اللقاء بالذات هدفه لجم التمدد الايراني في مناطق درعا ودرعا البلد ، لكنه يشكل نافذة ولو صغيرة لفك الحصار عن سوريا وإعفاء بعض الدول من تداعيات قانون قيصر الذي يخدم لبنان أيضا من خلال فتح الحدود «الاقتصادية» بين دمشق وبيروت.
5- زيارة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي الى باريس ولقاؤه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون وأركان إدارته، لا سيما أن باريس تطمح بوضع قدم لها على ساحل البحر الابيض المتوسط، والمتبقي من هذا الساحل المتوسطي الشاطىء اللبناني وما يعنيه من إطلالة دولة كبرى عضو في مجلس الامن كما حصل في سوريا مع روسيا في اللاذقية وطرطوس، بالرغم من كون «النوستالجيا» الفرنسية حيال لبنان لم تتغير كثيرا منذ الاستقلال.
6- ويتابع المصدر القول ان كل هذه «الحركة» تشكل فرصة لكسر الحصار وتنويع علاقات لبنان الاقتصادية والتقنية ، ليكون حيث مصلحته تكون من دون أبواب موصدة وسقوف معقولة من قبل الدول الكبرى ، التي لم ترسم حتى الساعة خطوطها العريضة حول استراتيجتها حيال كل المنطقة ، ومن هنا على لبنان أن يستفيد من هذا الجو التكتيكي المحدود الذي يشكل فرصة أخيرة في خضم اللهيب الذي يعيش فيه.
ويشبّه المصدر اعلان ايران بالأمس نيتها وإستعدادها لاستخراج النفط من البحر اللبناني عملية «تكبير» الحجر في وجه الولايات المتحدة تمهيدا لنيل تنازلات أوسع من الادارة الاميركية تجاه هذه الخطوة ، لكن المصدر يستبعد أن يتم هذا الامر لأسباب عملانية وتقنية ، والدول الكبرى مع روسيا سوف تعارض هذه الخطوة بفعل تضارب المصالح وإنخراط شركات روسية في عمليات التنقيب في البحر.
ماذا تعني كل المشهدية للبنان ؟
المصدر نفسه يؤكد أن الفرصة موجودة بشكل واضح أمام اللبنانيين لكنها ليست «مصروفة ومقرّشة» بشكل واسع وكل ما يمكن أن يحصل عليه لبنان هو بعض «الإيجابيات» التي هي نفسها بحاجة لمن يتلقفها ويستثمر بها ، وليس الى إعادة مشهد الانقسامات والنكايات والحقد ، فالبلد مفلس والخراب يعم القطاعات كافة، والهجرة هي النزيف الكبير الذي لن يستطيع ما تبقى من أطباء وممرضات في البلد من وقفه !؟ إنها الفرص تواكبها التحديات الضخمة .. والجهد الأكبر المطلوب تأمين الخبز والكهرباء للناس فقط.