هل طُرح فعلاً تعديل حكومي أحد أهدافه التخفّف من أثقال وتوزير تيار «المستقبل»؟
تسبب شريط الفيديو الذي أنتجته رئاسة الحكومة، واختصرت ما تعتبره إنجازات المئة يوم الأولى، بلغط واسع نتيجة اقتصاره على لحظ شخصيتين رئيسيتين، هما رئيس الحكومة حسان دياب وقائد الجيش العماد جوزيف عون، دون غيرهما من المسؤولين. واللغط نتج أساسا من فهم جهات سياسية أن منتج الشريط أراد الاتكاء على رصيد قيادة الجيش كمظلة حامية للحكومة، في موازاة الإكثار من تظهير صورة الحراك الشعبي كرسالة الى انحياز الحكومة اليه.
قد لا تكون الشركة المنتجة للشريط الذي خصص لوسائل التواصل الاجتماعي ولم يبث تلفزيونيا، في هذا الوارد من الرسائل الإيحائية. وقد لا تكون رئاسة الحكومة، أصلا، في هذا الوارد أيضا، لكن ذلك لم يمنع تدفق سيل من التحليلات. ذلك أن التركيز على صورة قائد الجيش حصرا في وقت يكثر الكلام على العلاقة بين رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، وبين الأخيرة وبين كل من المرجعيات السنية السياسية والروحية، ومع قيادة التيار الوطني الحر على المستوى المسيحي، وفي خضم الحديث عن الاستحقاق الرئاسي، أجج التحليلات التي تذهب الى ربط هذا بذاك، كأن رئاسة الحكومة أرادت الاستظلال بقيادة الجيش كرسالة عابرة الى كل من يشهر معها خصومة أو خلافاً أو تبايناً.
كثرت التحليلات التي صبّت في هذا السياق:
أ- منها ما ربط الشريط بما حُكي عن إمكان إجراء تعديل حكومي تقاطعت فيه – عفوا – رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة، يُرمى منه الى ضخ دم جديد، وإبعاد وزراء أثبتوا عدم جدارة وشكلوا أثقالا غارقة لعدد من الملفات الحيوية، وفشلوا في تحقيق لو اختراق بسيط، او تسببت أخطاؤهم في إحراجات على أكثر من مستوى، منها ما ظهر ومنها ما هو مرشح للانفضاح.
ب – ومنها ما ربط إنتاج الشريط، شكلا ومضمونا، برغبة حكومية في جعل التعديل قائما على توزير تقنيين (وربما وزراء من بين العسكريين) مكان وزراء ذات نكهة سياسية واضحة، بما يخفف الطابع السياسي الذي ظهرت عليه الحكومة، واتّهمت بها، فيما رئيسها أرادها ذات طابع تقني – تكنوقراطي.
جـ – ومنها ما ذهب حد القول بأن أحد أهداف التعديل هو إدخال تيار «المستقبل» الى الحكومة، بما يؤدي الى التخفيف من غلواء المعارضة، وإستيعاب تداعيات المرحلة.
ما ظهر حتى الآن أن رغبة التعديل لم تسلك منحى جديا ولم تحظ بحيّز للنقاش المُنتج، وتاليا وُضعت جانبا، نظرا الى مجموعة تعقيدات تبيّنت للمعنيين، منها أن إثارة أمر مماثل قد لا يعود بالمردود المرجو منه، الى جانب أن تيار «المستقبل» ليس في وارد تقديم أي خدمة سياسية – إستيعابية، بالإضافة الى أنه يقف راهنا في موقع المراقب لمآل الضغوط الدولية على لبنان، وعلى الحكومة تحديدا.
ويرتقب المسؤولون في الأسابيع المقبلة تشديدا ملحوظا في العقوبات الأميركية، لا سيما على خلفية المسألة السورية، ستكون للبنان منها حصة وازنة:
1- بدءا من قانون قيصر الذي يدخل الخدمة مع بداية حزيران، ويُتوقع أن يطال شخصيات رسمية وسياسية ورجال أعمال تربطهم علاقات تجارية بالنظام السوري، وكذلك الجهات الرسمية والسياسية والحزبية والتجارية المتهمة بتهريب بضائع الى سوريا، وهم يتوزعون على مختلف المذاهب، مع الإشارة الى أن العقوبات المتوقعة ستتوزع على 4 دفعات بين شهري حزيران وآب، ورشح أنها تتضمّن أسماء مسؤولين وشركات خاصة في سوريا ولبنان وروسيا والعراق وإيران.
2 -وليس انتهاء بمشروع القانون الذي تقدم به السناتور الجمهوري تيد كروز لوقف أي شكل من أشكال الدعم اللبناني، لا سيما تلك المخصصة الى الجيش، في ظل حكومة تعتبرها واشنطن خاضعة لسطوة «حزب الله». وقد لا يشكل الإنقسام في الكونغرس بين الجمهوريين والديمقراطيين عائقا دون المضي في مناقشة مشروع القانون هذا، بينما يبقى إقراره في مجلسي النواب والشيوخ خاضعا لاعتبارات عدة. ولا يُخفى أن إدارة الرئيس دونالد ترامب ماضية في محاصرة حزب الله سياسيا وماليا، وصولا الى مبتغاها المتمثل في محاصرة دوره الإقليمي المتقدم وإضعافه لبنانيا في بيئته الحاضنة كما في البيئات الأخرى المؤيدة.