Site icon IMLebanon

أميركا مصرّة على التزام الحكومة بـ”قانون قيصر” ولبنان مُربك

 

 

اقتحم “قانون قيصر” مشهد الأحداث السياسية من بابها العريض، وفرض نفسه بنداً أوّل في جدول الإهتمامات والأولويات العالمية والإقليمية والمحلية، وقضّ مضاجع حكومة الرئيس حسان دياب، التي ما كان ينقصها الا هذا القانون، لتهتزّ اكثر وهي “الواقفة على الشوار”، بعدما أضاف الى ارباكاتها إرباكاً جديداً.

 

وتكشف معلومات لـ”نداء الوطن” ان السفيرة الاميركية في لبنان دوروثي شيا أبلغت الحكومة اللبنانية بضرورة الإلتزام بـ”قانون قيصر”، وانّها نصحت وزيرة الدفاع زينة عكر بتوزيع القانون على الوزراء. وكذلك فإن السفير اللبناني في واشنطن غابي عيسى لمس لدى استيضاح الخارجية الاميركية، إصراراً أميركياً على ضرورة ان يلتزم لبنان بهذا القانون.

 

وعليه، ترى مصادر متابعة انه يُفترض بالدولة اللبنانية أن تُجري مفاوضات مع الإدارة الأميركية لبحث كيفية تحييد لبنان، على الأقلّ، عن جزء من هذا القانون. لكن المشكلة تكمن في عدم وجود سلطة في لبنان، مقبولة من الإدارة، لا رئاسة الجمهورية ولا الحكومة، فالدولة مُستهدفة منها كونها جزءاً من المحور الايراني ـ السوري.

 

الا ان القانون، وفق مراقبين، يبقى قانون مُلتبساً. فمن جهة، تقول الإدارة الاميركية أن إسقاط النظام السوري لم يعد من أولوياتها، وانها متفاهمة مع موسكو على الملفّ السوري، ومن جهة أخرى، تضع قانوناّ للتضييق أكثر على النظام. وإذ يرى هؤلاء أن لبنان مُلزم بتطبيق بنود هذا القانون، خوفاً من تعرُّض الدول او الأفراد او الشركات او المؤسسات التجارية والمالية التي تتعامل مع سوريا، لعقوبات، يؤكّدون أن لبنان اذا شاء تطبيق القانون، فسيتأذّى حتماً، لأن لديه مصلحة في التعامل التجاري والاقتصادي مع سوريا، ويُفترض بالولايات المتحدة الاميركية، اذا كانت تريد فعلاً مصلحة لبنان، ولا تريد أن تزيد من فقره او أن تحشره اكثر، أن تستثنيه من القانون، او اقلّه ان تستثني الشركات غير التابعة لـ”حزب الله”، تماماً كما فعلت مع العراق حين استثنته في مجالات عدة لدى فرض عقوباتها على ايران علماً ان العراق اغنى من لبنان فكيف الحال بوضع لبنان الحالي؟

 

حمادة: الحكومة بدأت بالهلع والاهتزاز

 

ويقول النائب مروان حمادة لـ”نداء الوطن”: “القانون غير مُلزم بمعنى الالتزام الرسمي، انما تداعياته خطيرة على من تعتبره اميركا مُداناً بالاعتداء على الشعب السوري بأي طريقة من الطرق. وهذا المفهوم الواسع يُعرّض قطاعات كاملة وشخصيات كثيرة للعقوبات. قد نرى فروع مصارف وشركات مقاولات وأصحاب وكالات تجارية ووسطاء في الخدمات والتجارة ومكاتب هندسية وشخصيات متورّطة في عمليات مالية أو نفطية أو كهربائية أو غيرها مع النظام السوري خلال فترة 2011 وحتى اليوم والى الغد، مُعرّضة لملاحقات. ويبقى الخطر قائماً بشكل مستمرّ، مما يُعرّض كل من يدخل في عملية اقتصادية أو مالية لإعادة إعمار سوريا الأسد لنفس هذه العقوبات، أي أنها عقوبات مفتوحة، حتى انتهاء الازمة السورية وتعديل القانون أو تغييره أو سحبه”.

 

ويُضيف: “ان الحكومة بدأت بالهلع والإهتزاز، باعتراف الصحافة الموالية، والآن تدخل مرحلة الإنكار على عادتها. المهمّ ان يتنبّه اللبنانيون كي لا يضعوا ما تبقّى من عافيتهم الاقتصادية تحت مقصلة قانون قيصر، هذا القانون لا يخصّ بالارهاب فئة او حزباً انما يُصنّف تحت هذا المسمّى، كل من شارك او سيشارك في إيذاء الشعب السوري”.

 

الحجّار: للحذر والتبصّر

 

عضو كتلة “المستقبل” النائب محمد الحجار يؤكد لـ”نداء الوطن” ان “قانون قيصر” وضعته الإدارة الأميركية لمعاقبة النظام في سوريا من وجهة نظرها، وبالتالي فإن موقفنا منه لا يُقدّم ولا يؤخّر، وعلى لبنان أن يُقارب هذا القانون لجهة التعاطي مع النظام السوري بما يتناسب مع مصلحتنا الوطنية أولاً، لأن لاحتمالات خرقه انعكاسات سيئة عليه، في وقت البلد أحوج ما يكون الى هذا المجتمع الدولي الذي تؤثّر عليه أميركا وبشكل كبير جداً، وبالتالي وجب الحذر في الموضوع، والتبصّر في الوقت نفسه لمعرفة ما يمكن فعله، فالأمر ليس فيه بطولات وشعبويات ومزايدات”.

 

“القوات”: “لي فينا مكفّينا”

 

“القوات اللبنانية” تحرص على التذكير بأن “قانون قيصر” لم يصدر عنها أو عن “التيار الوطني الحر” أو عن “المستقبل” لكي تُدلي بدلوها منه، وتؤكد لـ”نداء الوطن” انه “قرار صادر عن الإدارة الاميركية التي تُشرف على تطبيقه، وعلى السلطة اللبنانية أن تتعامل وفق مصلحة لبنان وأن ترى ما الذي يفيده أكثر، وما الأقلّ ضرراً عليه، هل أن يكون على علاقات غامضة مع نظام الأسد؟ أو أن يتعرّض لعقوبات اميركية؟ الموقف هنا ليس موقفاً ايديولوجياً، او سياسياً او عقائدياً او فكرياً، بمعنى أنه ليس لأن قانون قيصر يضرّ بالنظام السوري، ونحن ضدّ هذا النظام، يجب أن نؤيده، وليس لأن الطرف الآخر مع هذا النظام يجب أن يرفضه، المسألة ليست بالتأييد او بالاعتراض بل هناك شيء عملي، هناك قانون أصبح حيز التنفيذ وعلى الحكومة التفتيش عما هو اقل ضرراً على لبنان والإقدام عليه، لأن العقوبات الأميركية لم تطل لبنان عادة، كدولة او كمؤسسات رسمية، بل كأفراد وكيانات خاصة، ولأن “لي فينا مكفّينا”.

 

حنكش: للالتزام بالحياد

 

عضو كتلة الكتائب النائب الياس حنكش يرى انه “كلّما تعرّضنا لعقوبات ولمحاصرة مالية واقتصادية من المنظومة العالمية، كلما تضرّر لبنان أكثر، وهذا ضدّ مصلحته”. ويقول لـ”نداء الوطن:” الأساس، ان يستمر لبنان في الالتزام بالحياد وبكل القرارات الدولية ومعرفة اين تكمن مصلحة اللبنانيين وهل هي في مواجهة “قانون قيصر”؟ وهل يستطيع لبنان ان يواجه بعدما تبين ان الدول المانحة هي اوروبا والولايات المتحدة الاميركية والخليج ونحن نهاجمها يومياً. هذا هو السؤال، لذا وجب التفتيش عن مصلحة لبنان والسير بها والاستمرار في التزام الحياد مع ابقاء خيارات امامه، لا نقول أن يُقفل ابوابه على روسيا والصين فاليوم هناك منطق ومصلحة، وهي معروفة أين”.

 

جابر: لبنان كلّه مُربك

 

عضو كتلة “التنمية والتحرير” ياسين جابر يلفت الى انه ليس مطلوباً أن تتبنّى الحكومة قانون قيصر، فلبنان دولة ذات سيادة ولديها تمثيل ديبلوماسي مع سوريا، واعتقد ان القانون يتوجّه الى شركات وأفراد تتعامل مع سوريا وعليها ان تراجع نفسها، وهذه الشركات والافراد يعتبرون الادارة الاميركية انها تؤمّن الدعم للنظام السوري. الا ان جابر يؤكد لـ”نداء الوطن” ان لبنان كله مربك وليس الحكومة فقط خصوصا ان سوريا بوابته الى العالم العربي، فهناك واقع جغرافي في نهاية المطاف لا يمكن تبديله او تجاهله”.ريفي: العقوبات ستُطبّق

 

اللواء أشرف ريفي يرى انه لا يمكن للبنان ان يواجه “قانون قيصر” وان لا مصلحة بذلك لأن أي تحدّ لهذا القانون يعني أن لبنان سيدفع ثمن التعامل مع النظام السوري، سواء على مستوى الادارات الرسمية والوزارات، او على مستوى الشركات والأفراد. ويقول لـ”نداء الوطن”: “اضافة الى انتفاء المصلحة، فإن هذا النظام المحجور دولياً وعربياً، هو أكثر من اساء الى لبنان، ولذلك فإن أي دعوة او مسعى من “حزب الله وحلفائه لخرق هذا القانون سيرتدّ على البلد”.

 

ويؤكد ريفي أن القانون “سيجعل من النظام جثة، بعدما أمعن منذ العام 2011 بارتكاب الجرائم ضد الشعب السوري، ولن تستطيع لا ايران ولا روسيا أن تُحييه، والقانون يؤسس لمرحلة انتقالية في سوريا، سوف تبدأ ملامحها بالظهور قريباً، ومصلحة لبنان اولاً تكمن في الانسجام مع الشرعية الدولية، وفي الخروج من سجن الممانعة”.