Site icon IMLebanon

 لقاء القاهرة… خلافات ومشاحنات وخيبة للمعارضة السورية

لم يُفلِح المعارضون السوريون في جعلِ مؤتمر القاهرة محطّة فاصلة في تاريخ «الثورة السورية» كما كانوا يخطّطون، فالمؤتمر الذي شاركَ فيه أقلّ من أربعين شخصاً أضاف إلى الجسَد السوري المعارض والمنهَك ندوباً جديدة يُتوقّع أن تنسحبَ آثارُها على المبادرة الروسية المنتظَرة بين 26 و29 كانون الثاني الجاري.

رغمَ اقتصاره على عددٍ قليل اختارَته بعنايةٍ الجهاتُ المصرية الداعية، فإنّ لقاءَ القاهرة بين هؤلاء والذي بدأ بعد ظهر الخميس الماضي، شهدَ مشاحنات وإشكالات بين المشاركين تطوّرَت أحياناً إلى انسحاب بعضهم من النقاش الهادف أساساً إلى إيجاد أرضية مشتركة، وربّما إلى اتّفاق على خطوط عريضة للتعاطي مع الأزمة مستقبَلاً، وعلى مبادرات الحوار ولا سيّما منها المبادرة الروسيّة، وعزا الفنّان السوري جمال سليمان والديبلوماسي المنشَقّ جهاد مقدسي، المشاركان في هذا اللقاء، انسحابَهما منه إلى الاحتجاج على محاولة بعض المشاركين «توجيه النقاش في اتّجاهٍ لا يخدم عملية التغيير الديموقراطي في سوريا».

وفي حديث لـ«الجمهورية» قال رئيس المجلس الوطني السوري ميشال كيلو إنّ الدعوة الى حوار القاهرة، ربّما كان مطلوباً منها أن تضربَ الائتلاف لكنّها لم تُصِبه، وغالبية الحاضرين ليس هدفهم ضربَ الائتلاف لأنّ أيّ ضربة له ستصيبهم أيضاً».

وأضاف: «إنّ بعض الملابسات حدَثت، ومنها أنّ التحضير للمؤتمر كان متسرّعاً ومرتجَلاً، والدعوات كانت، للأسف الشديد، انتقائيةً لا تُعبّر عن طبيعة العلاقة داخل المعارضة ولا عن واقع الحال في المعارضة والائتلاف، بالإضافة الى استبعاد شخصيات أساسية من النسيج المعارض مثل معارضة الخارج ورئاسة الائتلاف وعدد من الشخصيات العامة والحقوقيّين والقضاة ورجال الأعمال، ما أدّى إلى تهميش مطلب توحيد المعارضة الذي عوَّلت عليه جهات كثيرة قبيل بَدء المؤتمر، وأدّى إلى فشل محاولات الخروج بوثيقة عمل موحّدة تشكّل خريطة طريق لأيّ مفاوضات مقبلة مع النظام».

وإذ أشار بعض المصادر إلى أنّ الدعوات المصرية التي وجّهَها المجلس المصري للشؤون الخارجية استثنَت القريبين من قطر وتركيا، لمّحَ كيلو إلى «أنّ مغزى الدعوتين المصرية والروسية ليس بريئاً ولا يهدف الى جمعِ السوريّين إلى الحوار، خصوصاً أنّها استبعدَت فئات أساسية لا علاقة لها بالجهَتين».

وردّاً على سؤال حول استبعاده عن اللقاء بسبَب قربه من قطر، قال كيلو: «لستُ قريباً إلّا من اقتناعي ومن صوتِ الشعب السوري، و»إعلان دمشق» و«حزب الشعب» ليسا مقرّبَين من قطر ولا «الإخوان المسلمين» ولا التنسيقيّات، حتى هادي البحرة الذي يقال إنّه قريب من السعودية رفضَ الحضور لأنّ المشكلة في الدعوة نفسها وفي شكلِها».

وأضاف «إنّ واحداً من أبرز عيوب المعارضة هو الاستعجال الذي تحوّل سِجالاً، لأنّ اللقاءَين كان يُفترَض بهما أن يكونا للتفاوض وفقاً لثوابت محدّدة ولمتابعة مداولات وبيان جنيف ـ 1، وليس للتحاور على إصلاح النظام، كما قال بوغدانوف (ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي).

وأتمنّى أن يتمخّض مؤتمر القاهرة عن رسم استراتيجية تفاوض تتّفق مع جنيف نصّاً وروحاً هدفُها إنشاء حكم ديموقراطي يحفظ دور الجميع ويشكّل أساساً للتفاوض، لكن إذا لم تصدر ورقة تلتزم الثوابت حينها سيكون لنا كلام آخر، خصوصاً أنّ الحاضرين حاليّاً لا يمثّلون حتى معارضي الداخل».

واعتبرَ كيلو «أنّ مِن المشاركين في مؤتمر القاهرة مَن ذهبوا بقرار شخصيّ، ولا أحد متحفّظ عن فكرة الحوار، لكنّ البعض متحفّظ على أطراف في المعارضة، وبمقدار ما يتفاقم الوضع السوري تتراجَعُ سوريَّةُ الحلّ».

وذكرت مصادر متابعة للمؤتمر أنّ خلافات حادّة دارت بين منى غانم من تيار «بناء الدولة» وعدد من المشاركين دفعَها الى الانسحاب احتجاجاً، فيما شنّ عدد من المتحدّثين هجوماً لاذعاً على القوى العسكرية، وقال عضو «الكتلة الديموقراطية» فايز سارة إنّ هدف الاجتماع يجب أن يكون التخَلّص ممّن وصفَهم بـ»الحثالة» من «حركة أحرار الشام» الذين اعتبرَهم جزءاً من تنظيم «القاعدة» ويحملون فكراً متطرّفاً.