الفشل السياسي صانع الحروب والنزاعات، والنجاح السياسي صانع الانتظام والاستقرار، والسياسة استشراف افاق المستقبل وتجدد المجتمعات، والسياسة مصالحات وتسويات وصداقات، والسياسة حوار وتفاعل وتكامل، والسياسة اسئلة وتأملات وابتكارات، والسياسة قيم وقواعد ومؤسسات، والسياسة شرائع ومواثيق وحقوق وعدالة ومساواة، والسياسة معرفة وتنور وتبادل خبرات، والسياسة تواصل ولقاءات ومؤتمرات، والسياسة تحاكي العقول والمشاعر والحرب تحرك الغرائز والرغبات، والحرب قتل ودمار وتقطع اوصال، والحرب مجازر واحقاد، والحرب اهوال ورعب وضياع، والحرب جحيم ومرارات، والمنطقة منذ السابع من تشرين الاول تشهد ويلات وتداعيات الفشل السياسي مع تعاظم العمليات الحربية والاستنفارات والتهديدات والجبهات والمجازر والدمار.
السابع من تشرين الاول ٢٠٢٣ الشاهد الاوضح على انكشاف الفشل السياسي الدولي والاقليمي في المنطقة والذي استدعى الحضور الفوري لرؤساء اميركا والمانيا وبريطانيا ووزراء خارجية ودفاع وقادة جيوش وبوارج حربية واجتماعات وزراء الجامعة العربية ووزراء التعاون الاسلامي ومواقف قمة الخليج آسيان ومواقف قادة الصين وروسيا وتركيا وايران وآخرين، بعد ان عادت قضية فلسطين تملأ شوارع وساحات القرية الكونية واجتماعات مجلس الامن والاتحاد الاوروبي والمنظمات الدولية الاغاثية والحقوقية وبموازاة مليارات الدولارات والجسور الجوية والمساعدات العسكرية.
المنطقة تعيش في حالة حرب حقيقية نتيجة تراكمات الفشل السياسي الاقليمي والعالمي في معالجة اعمق واطول نزاع في فلسطين على مدى خمسة وسبعين عاما، والذي جعل من المنطقة مرآة الفشل السياسي العالمي والتي كشفت مدى خفة وهشاشة سياسات تبسيط الصراعات المعقدة وعدم ادراك عمق والظلم والقهر الذي تذوقته شعوب المنطقة، وما نشهده اليوم من طوفان يغمر جغرافيا نكبة ٤٨ ودول المحيط والجوار والذي يعكس مستوى الارتجال في اعتماد سياسات الخطوة خطوة واتفاقات السلام الوهمية المنفردة والتي تجاوزت الحقوق الطبيعية لكل شعوب المنطقة واسباب النزاع العميقة وفشلت في صناعة السلام.
تقاطر الرؤساء والوزراء الى المنطقة على ايقاعات الصواريخ والطائرات والاهوال الحربية يعمق تكامل مظاهر الفشل السياسي، من السودان الى ليبيا الى الغابون الى النيجر ومالي والحرب الروسية الاوكرانية وازمة الغذاء العالمي وتداعي الاقتصادات في اوروبا والتجمعات القارية والاقتصادية العالمية من دول السبع ودول العشرين والممرات الاقتصادية الاوروبية والشرق اوسطية الهندية وطريق الحريري القديم والحديث وتجديده من الصين في عالم شديد الحذر والقلق نتيجة الفشل السياسي والذي ادى الى انعدام الثقة بالنظام العالمي والاقليمي.
تنعقد اليوم السبت قمة مصر الدولية للسلام بحضور ٣٢ دولة منهم قطر وتركيا وفرنسا واليونان وفلسطين والامارات والبحرين والكويت والسعودية والعراق وايطاليا وقبرص وسكرتير الأمم المتحدة والاتحاد الاوروبي وافريقيا مع توقع مفاجآت وحضور دول غير معلنة، ومعالجة الواقع المأساوي في فلسطين تستدعي بلورة سياسات صادمة وغير مسبوقة وغير متوقعة وتتطلب احداث تحول جذري في كيفية معالجة اسباب النزاع وتجاوز خمسة وسبعين عاما من الفشل السياسي، وحصار غزة يتطور ويتزايد على ايقاعات ساحات القتال والتظاهرات في الشوارع العالمية والاقليمية في ظل فقدان الاعلام العالمي التقليدي تاثيره وانهزامه امام ادوات الثورات التكنولوجية والذكاء الصناعي بعد ان اصبح الشابات والشباب والاطفال في المنطقة والعالم يشاهدون مباشرة اهوال مظالم الحرب والنزاع، وتلك المشاهدات ستساهم في تشكيل وعي عالمي جديد للقضية الفلسطينية لدى اجيال القرية الكونية القادمة، مما يحتم على قمة السلام المصرية بلورة مرحلة انتقالية من خلال بناء (سفينة نوح سياسية) اقليمية ودولية تتسع لكل مكونات الخلاص بعد ان يغمر (طوفان الاقصى) رموز العنصرية والتطرف والفشل والانتقال الى دول الانتظام والاستقرار والازدهار .