المساعي الحثيثة مستمرة لعقد الجلسة التشريعية الاسبوع المقبل، مع ظهور مجموعة أمور بات يمكن الرهان عليها من أجل تأمين نصاب قانوني للجلسة، وكذلك تأمين الطابع الميثاقي الضروري الذي يفترض ان تقترن به اي جلسة تشريعية، بحسب مصادر نيابية، ذلك أن المخاطر المالية المحدقة بالبلاد تستدعي عقد هذه الجلسة التي سيترتب عليها إقرار قانون مكافحة تبييض الأموال الذي انضمت إليه معظم الدول وسلك طريقه في اللجان النيابية، بعد اعتماد نص المادة المتعلقة بالإرهاب التي تبنّتها جامعة الدول العربية ويؤيّدها «حزب الله»، اذ انه من دون اقرار هذا القانون الذي يعتبر ضرورياً جداً، فإنه سيتعذر على لبنان التعامل المالي مع الخارج لجهة تحويل الأموال، اي خسارة تحويلات سنوية بين لبنان والخارج وبالعكس تتجاوز 7.5 مليارات دولار، بحسب ما سمع المسؤولون من حاكم مصرف لبنان، الذي كان سبق واودع بري رسالة خطية تليت في اجتماع هيئة المكتب وتضمّنت جملة المخاطر المالية والاقتصادية على لبنان التي تؤثّر في تصنيفه الدولي.
المصادر النيابية اشارت الى انه ليس من عادات رئيس المجلس النيابي القفز في الفراغ، فهو تبلّغ قبل دعوته «من دون تريث» الى عقد الجلسة التشريعية، من عواصم عربية ودولية، أنه مثلما هذه العواصم معنية بالأمن السياسي والعسكري للدولة اللبنانية لحمايتها من تداعيات الازمة السورية والازمات الاخرى، فهي معنية أيضًا بالأمن المصرفي والمالي لهذه الدولة، والى حد استخدام تعبير «هنا الخط الأحمر»، ما دفع بالاخير الى تكثيف الاتصالات البعيدة عن الاضواء في المهلة التي فصلت بين اجتماعي هيئة مكتب المجلس، بالرئيس سعد الحريري، الذي اعطى الضوء الاخضر، وإن كان الرئيس فؤاد السنيورة من ترجمه عمليا بنفيه أن يكون قد أبلغ بري بأن الكتلة ستمتنع عن حضور الجلسة، اذا ما تغيب عنها مكونان مسيحيان. من هنا ترى المصادر ان بري الذي حدد الميثاقية بـ«الحفاظ على الوطن والمواطن»، في لقاء الاربعاء النيابي، ليس مستعداً لأي مساومات، وهو ماض في الجلسة، مع التأكيد أنه تلقى من نحو 20 نائباً مسيحياً، خارج دائرة التيار الحر و«القوات اللبنانية» وحزب «الكتائب»، تأكيداً أنهم سيشاركون في الجلسة، وهم ينتمون الى سائر الطوائف المسيحية، من موارنة الى الأقليات مروراً بالارثوذكس والكاثوليك والأرمن والبروتستانت، متحدثة عن ابلاغ كتلة المستقبل رئيس مجلس النواب ، «اشتراطها» عقد جلسة لمجلس الوزراء قبل الجلسة التشريعية، والا فانها ستلتزم بالمقاطعة المسيحية. وتتابع المصادر ان الرابية ابلغت العاملين على خط الاتصالات والتسويات، شروطها للنزول الى البرلمان، التي تتلخص في تحديد معنى «تشريع الضرورة» «بعدما تعاملت معه هيئة مكتب المجلس بشكل مطاط مع وصول القوانين المدرجة الى 38، ما يوحي بأن الجميع بات متعايشاً مع فكرة عدم وجود رئيس للجمهورية في البلاد، تأمين الضمانات الكفيلة بتمرير قانون استعادة الجنسية وعدم الاكتفاء بوضعه على جدول الاعمال، تمرير اقرار قانون توزيع عائدات الخليوي على البلديات ، تعديل جدول اعمال الجلسة من خلال ادراج قانون البلديات، كاشفة عن الاخذ بتلك «الملاحظات» يفتح الباب امام تأمين الميثاقية المطلوبة ، بعيدا عن «الابتزاز الاعلامي» تحت عناوين اقتصادية ومالية.
وكشفت مصادر مقربة من الرابية أن رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» العماد ميشال عون لا يزال يسعى لاستيعاب أزمة التشريع من منطلق تعويله على أن يعيد رئيس المجلس النيابي النظر في جدول الاعمال، محذرة من ان انعقاد الجلسة على هذا النحو فان الامور لن تمر حكما مرور الكرام واصداء تداعياتها ستهز الجميع، رافضة الخوض في تفاصيل ما قد يعقبها من خطوات اعتراضية ، مؤكدة ان بكركي تغطي قرار الكتلتين المسيحيتين الكبيرتين، بشكل حازم لا مساومة عليه، وان كانت تترك الباب مفتوحا امام «الكتل المارونية» للمشاركة او عدمها، شرط الذهاب بموقف موحد وباتفاق فيما بينها ، انطلاقا من مباركتها كل تقارُب ماروني لعلّه يصِل الى انتخاب الرئيس المسيحي الوحيد في الشرق، جازمة بان التضامن والتكافل بين الكتل المسيحية في مواجهة قرار تجاوزها سيفعل فعله.