كان من المنطقي أن يكلف مجلس الوزراء في جلسته الأخيرة قائد الجيش العماد جوزف عون القيام بما يراه مناسبا من أجل حماية لبنان والمؤسسة العسكرية في ضوء العدوان الاسرائيلي الذي يتعرض له لبنان، بدت الخطوة متماهية مع ما تشهده البلاد من اوضاع. واذا كان البعض يقرأ في هذا التكليف بأنه تذاك، فإن البعض الأخر يتحدث عن قرار متكرر من السلطة التنفيذية في تفويض الجيش للمهمات الموكلة اليه، فللجيش دور أساسي في حفظ الأمن والأستقرار في البلاد، فهذه المرحلة الخطيرة التي يمر بها لبنان تستدعي جهدا مضاعفا وتدخلا من الجيش الحائز على الضوء الأخضر من السلطة السياسية.
الخشية من التفلت الأمني ومن إطلالة خبيثة للفتنة ومن انشقاقات ومن وقائع على الأرض في ظل هذا العدوان الإسرائيلي وانعكاساته ولاسيما بالنسبة إلى ملف النازحين، وحدها قيادة الجيش الحكيمة قادرة على منعها وسحق أي محاولة لزعزعة الأستقرار. هذا في الداخل، أما بالنسبة إلى الانتشار على الحدود وتطبيق القرار ١٧٠١، فإن المسألة تطبخ وتستدعي ضمانات والقرار المتخذ بدور الجيش وتطبيقه سيسلك طريقه عاجلا أم آجلا..ولعل هذا الملف سيكون قابلا للنقاش الموسع عند أي حوار وطني قد يعقد بحضور القيادات السياسية لتحظى العملية بالاجماع المطلوب الجيش لن يتأخر في أي مرة عن القيام بواجبه،هذا ما تؤكده مصادر سياسية مطلعة لـ «اللواء» التي تفيد أن الموضوع لا علاقة له بمنح مهمات إضافية له، إنما بأعادة التأكيد على هذه الواجبات المطلوبة منه والتي تتم تلقائيا، فلماذا الهاجس إذا من سيناريو أمني معين؟ هنا ترى المصادر نفسها أن ملف النازحين يشكل قنبلة موقوتة، دون إغفال حالات تتفاقم جراء ازدياد النزوح، وفي جميع الأحوال لا بد من عمل استباقي، أما تكليف قائد الجيش وفق جاء في مجلس الوزراء فهو إجراء مناط بقيادة الجيش وقائد الجيش العماد جوزف عون الذي سجلت له لقاءات مع عدد من القيادات السياسية مؤخرا.
وتقول هذه المصادر أن التوجيهات الأخيرة للقيادة تركزت على إبقاء على الجهازية متواصلة، ولذلك فإن عدد خدمة بعض عناصر وضباط المؤسسة العسكرية تم زيادتها، معربة عن اعتقادها أن هناك سلسلة إجراءات تشق طريقها في المرحلة المقبلة، مؤكدة أن وضع الجيش تحت مرمى نيران العدو لن يكون مسموحا على الإطلاق، على أن بحث دور الجيش في الفترة المقبلة بعد توقف الحرب مطروح للبحث دون أي تعديل في مهامه الوطنية والتي يقوم بها على اكمل وجه، ومعلوم أن الجيش يعد خشبة الخلاص وفي عز الأزمات ظل على وحدته وتماسكه ينجز ما يجب إنجازه.
الى ذلك، تعرب عن اعتقادها أن الدعوة للحوار كما اتفق عليه بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي ورئيس الحزب الاشتراكي السابق وليد جنبلاط يتوقع لها أن تتفاعل وفق ما هو ظاهر وقد انطلقت اللقاءات لهذه الغاية، على أن هذا الحوار المطروح يذهب إلى أبعد من الشكل المعروف للحوار لأن هدفه حماية اللبنانيين والعمل لوقف إطلاق النار والتحضير لأنتخاب رئيس جديد للبلاد كما الاتفاق على بعض المسلمات ودور الجيش المؤسسات الأمنية وملف النازحين جراء العدوان الإسرائيلي ضد لبنان، متوقعة أن يعقد لأن هدفه الأول صون هذا البلد.
أكثر ما تحتاجه البلاد هو عودة عمل المؤسسات وتقوية الدولة، والوقت حان لوضع أسس لها والتأكيد على مبدأ هذه الدولة في وجه التحديات ، على أن وقف إطلاق النار يبقى الأساس قبل أي أمر أخر.