IMLebanon

نداء الواجب

نقل عن السعوديين والايرانيين قولهم في الآونة الاخيرة “ليتفق المسيحيون على رئيس ونحن نقبل بهذا الخيار”. وهكذا حصد الزعماء المسيحيون ثمار دورهم المحوري في ثورة الارز من جهة وفي جبهة الممانعة من جهة اخرى. كنت في الولايات المتحدة قبل اسبوعين والتقيت معظم المعنيين بالشأن اللبناني وفي كل اجتماع طُرحت مسألة انتخاب رئيس الجمهورية، وفي كل مرة كان موقفي ثابتاً، “يجب ان تكون للرئيس المقبل حيثية شعبية، او أن يكون مدعوما، وممثلا لقيادات لها حيثية شعبية، ليس لاسباب دستورية – لان الدستور لا يتطرق الى وزن الرئيس الشعبي، بل الى تأمين توازن ايجابي في المؤسسات. فما دور رئيس الجمهورية ووزنه عندما يترأس طاولة الحوار ويجلس مع زعماء الطوائف اذا لم تكن له حيثية؟

هناك ثلاث مجموعات من المرشحين، ولكل منها حيثية مختلفة: الاولى هي ما يسمى الاقطاب الموارنة ذوي الثقل الشعبي ولو بشكل متفاوت.المجموعة الثانية ليس لها حيثية شعبية ولكن اصبحت على رأس مؤسسات عامة ولها دور اساسي في لبنان، وبالتالي لها حيثية مؤسساتية، اعني قائد الجيش اللبناني وحاكم مصرف لبنان. لست من المتحمسين لتعديل جديد للدستور او لاستغلال الوظيفة العامة لاغراض سياسية، ولكن هذه الفئة اضحت الاقرب الى الرئاسة، منذ اتفاق الطائف، بسبب عدم امكان انتخاب مرشح من المجموعة الاولى. المجموعة الثالثة هي الاوفر حظّاً في زمن الفيتوات والفيتوات المضادة ان كانت محلية او اقليمية، وفي استمرار الانقسام العمودي بين القيادات المسيحية، وهي فئة المرشحين التوافقيين.

التوافق على شخص رئيس الدولة من انبل المبادئ والحيثية الميثاقية قد تكون الافضل، في زمن الاصطفافات المذهبية والاقليمية شرط الاّ تترجم هذه المقاربة بانتخاب الذي يبقى بعد سلسلة الفيتوات والذي يخشى ان يكون اصغر قاسم مشترك اي الاقل ضررا لجميع الفرقاء والمصالح الشخصية والفئوية بدل الاكثر منفعة للبنان.

في الوضع الحالي، خيار المرشح التوافقي يصلح اذا كان يحظى بدعم حقيقي من اكثرية الاقطاب الموارنة، ومقبولاً من معظم الاطراف السياسية.

الايرانيون والسعوديون قالوا في الاسابيع الماضية لحلفائهم المسيحيين “احسموا امركم قبل ان يحسمه الآخرون”، وتشير المعلومات الى أن الفاتيكان، بالتنسيق مع الكنيسة المحلية، يشجع حوار المستقبل و”حزب الله” حول رئاسة الجمهورية خشية أن يؤدي استمرار الخلافات المسيحية والفراغ الى ما لا نهاية. فالكرة الآن في ملعب الاقطاب الموارنة وبخاصة ميشال عون وسمير جعجع، ولكن لبضعة اسابيع فقط. وقبل ان تفوت هذه الفرصة التاريخية لاتفاق مسيحي على الرئاسة، أخاطبهم بكلمات مقتضبة:

خسارة هذه الفرصة لن تعوض، وقد تقضي على حلم الذين استشهدوا لقضية لبنان التنوع والوجود المسيحي المشرقي الفاعل و البنّاء. اتفقوا على آلية تسمح بوصول من يتمتع بحيثية شعبية الى رئاسة الدولة أو اتفقوا على مرشح يمثلكم ويحظى بدعمكم من اصحاب الكفاية والنزاهة والشجاعة والحكمة، فيقود البلاد من موقع القوة والتبصر.

نعم، احسموا أمركم لان هذا هو نداء الواجب ومطلب فئة واسعة من اللبنانيين والقواعد الشعبية التي تمثلون.