IMLebanon

تهدئة

 

يعود دايڤيد  ساترفيلد  الى لبنان يوم بعد غد الاثنين حاملاً معه المزيد من «الأفكار» حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. وفي وقت يصر العدو الإسرائيلي على حصر  الترسيم في الماء يتمسك لبنان بالترسيم الشامل، أي في  اليابسة أيضاً خصوصاً قرية الغجر ومزارع شبعا وتلال كفرشوبا، تلك المواقع الثلاثة المتجاورة التي يملك لبنان في شأنها الوثائق التاريخية التي تؤكد حقه فيها، بينما يقول الإسرائيلي إنّ على لبنان أن يستحصل على اعتراف خطّي  بهذه المناطق من الجانب السوري قبل أن يتم التفاوض حولها. ومعلوم أن دمشق قالت شفوياً بتبعية المزارع وجوارها الى لبنان ولكنها لا تزال ترفض تزويده بإعتراف خطي يمكن تسجيله في الأمم المتحدة.

 

يأتينا مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط في ما بدا أنه كان قد أحرز «بعض» التقدم في حراكه المكوكي بين البلدين. وهو ما نوّه به رئيس مجلس النواب نبيه بري إثر عودة ساترفيلد الى بيروت من آخر محطة له في تل أبيب. وكان في تقدير الجانب اللبناني أن الفضل في هذا التقدم يعود الى الموقف اللبناني الذي يرتكز الى عنصرين مهمين في هذه المفاوضات غير المباشرة. فالوسيط الأميركي تأكد من صلابة الموقف اللبناني من جهة وأيضاً الى وحدة هذا الموقف من جهة ثانية. فما استمع إليه في لقاءاته الأربعة كان واحداً لدى كل من الرئيس ميشال عون والرئيس نبيه بري  والرئيس سعد الحريري ووزير الخارجية  جبران باسيل وهذا ما جعله يتأكد من تعذر خرق «وحدة الموقف» و»صلابته» وبالتالي وجد نفسه  يتبنى «الى حدِ ملحوظ» وجهة النظر اللبنانية من الترسيم وقد نقلها الى إدارته فأعطته الضوء الأخضر للمضي في مهمته، كما قيل في حينه.

 

 

يأتي ساترفيلد الى بيروت وقد شهدت الساحة اللبنانية تطورين بارزين أولهما عملية طرابلس الإرهابية التي يقوم خلاف حولها  في الشكل (هل هي فردية أو كان للإرهابي مساعدون وله ارتباطات توجيهية) وليس في المضمون إذ يجمع القوم على أنها إرهابية، وكفى. أمّا التطور الثاني فهو الإيجابية التي أخذت تطفئ نار الخلاف التي اشتعلت بين التيار الوطني الحر وتيار المستقبل… وقد انطلقت مساعي التسوية من قيادتي الحزبين، وينتظر أن تعود المياه بينهما الى مجاري التسوية الرئاسية لغير سبب، أبرزها أنّ أياً منهما ليس في وارد التخلي عن «رفقة الدرب الطويلة» بينهما. وفي هذا السياق نفت أوساط التيار البرتقالي أن يكون حزب الله هو الذي نصح لوزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل بالتهدئة مع التيار الأزرق. وقالت إنّ ما ظهر في كلام باسيل من تهدئة ملحوظة إنما هو وليد أفكاره وبقرار ذاتي منه وأيضاً برغبة مباشرة وقوية من الرئيس العماد ميشال عون.

 

وفي التقدير أن «انتكاسة التغريدات» بين المستقبل والحزب الاشتراكي، التي ظهرت أمس، هي أيضاً مضبوطة الإيقاع، ويستبعد أن تذهب الى أبعد مما سُّجل بين أمين عام التيار الأزرق السيد أحمد الحريري… وأمين سرّ الحزب التقدمي الاشتراكي ظافر ناصر، خصوصاً وأنّ الكلام اللاذع بين الأمينين لم يتخطّ الخطوط الحمر… ما يترك الباب مفتوحاً  على  المعالجات.