IMLebanon

التهدئة السنّية – الشيعية تغلُب على الرئاسة الانتخابات ليست أسهل مما كانت قبل سنتين

لم يكن متوقعا أن تشهد الجلسة الـ36 لانتخاب رئيس للجمهورية جديدا في هذا التوقيت، بالاستناد الى أجواء إقليمية متوترة تصاعدت أخيرا وانعكست بقوة على الداخل، خصوصا أنها يفترض أن تكون أحدثت تغييرا جذريا عبرت عنه الادانة العربية القاسية لمواقف وزير الخارجية جبران باسيل، بحيث لم يعد ممكنا توقّع انتخاب المرشح الوحيد والمعلن لـ”حزب الله”، أي الجنرال ميشال عون، بما يعنيه ذلك بالنسبة الى المملكة السعودية ودول المنطقة، كما لا يتوقع أن يتخلى الحزب عن مرشحه في السياق نفسه. يختصر هذا الواقع مشهد المراوحة، بل التعقيدات الاضافية التي طرأت على الموضوع الرئاسي بما لا يجعله أسهل من ذي قبل، بل على العكس، خصوصا في ظل رفض البعض الاعتراف بأن التطورات الاقليمية تغييرية على هذا الصعيد أو في ظل الرهان على تطورات مقابلة في سوريا مثلا، أو في ظل وهم محاولة عزل الانتخابات على أنها من ضمن الاعتبارات الطوائفية المسيحية وما اليها، دون سائر الاعتبارات الداخلية او الإقليمية، وفق ما يسعى بعض الأفرقاء الى تسويقه من ضمن هذا المنطق.

إلا أن ما أدخل جديداً على المشهد هو المعطى السياسي الذي تمثل بمشاركة 73 نائبا، بما يعنيه ذلك من وجود أكثر من نصف أعضاء المجلس زائد واحد يمكن أن يدعموا مرشحا معينا. وهي رسالة سياسية تعيد تأكيد واقع من يمسك بورقة تعطيل انتخابات الرئاسة، بغض النظر عما إذا كان تسليط الضوء بهذه الطريقة يزعجه أو يقوي موقعه، على أساس انه يملك ورقة لن يتخلى عنها بتسهيل حصول الانتخابات في انتظار صفقة سياسية ما تساهم التعقيدات الاقليمية في واقع انه من غير المحتمل الافراج عن الرئاسة من دون البعد الاقليمي اللازم لها. كما تؤكد هذه الرسالة وجود أكثرية داعمة لمرشح لا تتوافر لمرشح آخر، على رغم استمرار وجود رأي قانوني على غرار رأي النائب السابق القانوني صلاح حنين أن الخطأ في الآلية الدستورية التي لا يطالب من ينزل الى مجلس النواب بتطبيقها من اجل ان يتم انتخاب رئيس جديد. هل المشهد الضاغط الجديد يساهم في اعطاء الدول الغربية في حال لا تزال مهتمة بموضوع الرئاسة ورقة مهمة من اجل الضغط على ايران لكي تساهم في حلحلة الموضوع او تدفعها الى المساومة على الثمن الذي تطلبه والتي قد تأتي بنتيجة ربما لن تعجب اللبنانيين في نهاية الامر؟ المشهد في المعطى الداخلي، وعلى رغم رمي كرة التعطيل في خانة الحزب، يعني أن أي أكثرية لن تؤدي الى انتخاب رئيس من دون توافق مع الحزب، خصوصا أن المرشح المحتمل وصوله وفقا للاكثرية التي تحققت تمسّك بالانسجام في موقفه مع الحزب، رافضا ان يكون رئيسا يمكن ان يكسر حلفاءه بناء على مقولة رددها اخيرا امام زواره انه يأتي من 8 آذار الى رئيس توافقي وليس الى 14 آذار. كما ان التطورات التي تمثلت تالياً بعد دعم ترشيح فرنجية بتوافق الكتلتين المسيحيتين الابرز، “التيار الوطني الحر” و”القوات اللبنانية”، منيت بضربة قوية على وقع الاجراءات من جانب السعودية ودول الخليج، فجعلت هذا التوافق غير قابل للتسييل اكثر من اي وقت مضى حتى لو وضع تحت عنوان عريض هو توافق مسيحي اظهر انه يفتقد الى القدرة على اقناع الاخرين به في غيب التوافق السني – الشيعي.

لذلك فإن ما كان أهمّ من الجلسة، على رغم رمزيتها والرسالة السياسية التي وجهتها، هو هذا التوافق السني – الشيعي الذي تمثل بموقفين أخيرين، وكان بالنسبة الى غالبية ساحقة من اللبنانيين أكثر أهمية من رئاسة الجمهورية في هذا التوقيت. الموقف الاول هو البيان الذي اصدره الرئيسان نبيه بري وسعد الحريري غداة الاضطرابات في الشارع، التي أثارت مخاوف جدية من انزلاق البلد تحت وطأة مشاعر متفاعلة الى الفتنة الداخلية، والتي توافقت مع مواقف للرئيس الحريري اكدت على استمرار الحوار مع الحزب على رغم ما يحصل من توتر على خلفية تصعيد الحزب مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج والتي وصلت الى حد اعتبار هذه الدول الحزب تنظيماً ارهابياً. والآخر هو الخطاب الذي ادلى به الامين العام لـ” حزب الله” السيد حسن نصرالله مدينا ورافضا التظاهرات الشارعية على خلفية تقليده تلفزيونيا ومصراً على بقاء الحكومة واستمرار الحوار. وهذا الموقف هو ما تعتبره المصادر السياسية امراً مهماً نظرا الى المخاوف الكبيرة التي اثارها التصعيد الكلامي الاخير على وقع الاجراءات التي اتخذتها الدول الخليجية وصولا الى ما شكل بروفة امنية شبيهة باجتياح الحزب بيروت في 2007 ، وذلك لقاء ما يمكن اعتباره امرا مؤسفا يتمثل في اعتبار الامين العام للحزب خطابه الاول عن اليمن اعظم من حرب تموز كما قال، او ان يواصل حملته على السعودية متجاهلا ما ساهمت فيه حرب النظام السوري على شعبه والتي ادت بحسب احصاءات الامم المتحدة الى 470 الف قتيل وجرح مليون شخص وتهجير اكثر من نصف الشعب السوري بمن فيهم نحو خمسة ملايين لاجئ. فالحملة على المملكة السعودية في موضوع اليمن يرى البعض انها تخدم منطق النظام السوري والمحور الذي يعمل من ضمنه على قاعدة ان ليس هناك احدا افضل من الاخر وان اتاحة الفرصة أمام اعادة تأهيل بشار الاسد هي من ضمن الشروط التي تقابل الصمت او التسوية في موضوع اليمن.