لوحظ أن الإتصالات التي جرت في الآونة الأخيرة، أدّت إلى التهدئة على خط العلاقة بين عين التينة و»التيار الوطني الحر»، لا سيما بعد كلام رئيس الجمهورية السابق ميشال عون، الذي تناول خلاله رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحمّله مسؤولية انهيار عهده، لكن وعلى خلفية الإستحقاق الرئاسي وما يحيط به، فإن هناك مساع بُذلت من مقرّبين للطرفين لعدم خروج الأمور عن نصابها بعد عملية نبش الملفات بين جمهوري الطرفين على مواقع التواصل الإجتماعي.
ولذلك، لا تستبعد مصادر معارضة أن يحصل لقاء بين بري ورئيس «التيار الوطني الحر» النائب جبران باسيل، كون ما يجري على الساحة الداخلية هو تداخل مباشر بالإنتخابات الرئاسية. مع العلم أن المصادر تكشف أن «حنكة رئيس المجلس وقدرته على المناورة، لا تدفعه إلى أي خطوة يستفيد منها باسيل شعبوياً وسياسياً، خصوصاً بعدما حاول أن يستعيد زمام المبادرة، كونه على رأس المعارضة، إلاّ أنه عمل بسرعة على التنصّل من مواقفه وحلفائه والمقربين منه، وعلى هذه الخلفية قال بالأمس رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، أنه «لا يثق به ويعرفه حق المعرفة». ومن هذا المنطلق، فإن السؤال المطروح: هل سيسعى بري إلى دفع باسيل إلى موقعهم الداعم لترشيح رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية؟
ذلك ما ستتضح معالمه في الأيام المقبلة في ضوء بعض المحطات الرئاسية، من «اللقاء الخماسي» الذي انعقد بالأمس في الدوحة، وكذلك ما سيعود به الموفد الرئاسي الفرنسي جان إيف لودريان. فيما السؤال الآخر، هل ثمة ما يُطبخ رئاسياً خلف الكواليس؟ وهناك كتل نيابية وبعض القوى السياسية بصدد تغيير وتبديل خياراتها الرئاسية، وفي طليعتهم «اللقاء الديموقراطي»، الذي عاد إلى عين التينة من خلال زيارة رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» تيمور جنبلاط.
وفي هذا الإطار، تشير المصادر إلى أنه قد يدخل في تسوية رئاسية في حال أجمعت عليها الدول المعنية بالملف اللبناني، وبمعنى أوضح لا يخفى على أحد أن هناك «تكويعة» قد يقدم عليها الحزب «التقدمي» رئاسياً وسياسياً، بعد التحوّلات الدولية والعربية والإقليمية، وهذا أيضاً ينسحب على «التيار الوطني الحر»، الذي يعمل دائماً على المسار الشعبوي، وليس لديه أي إشكال في حال انقلب باسيل على مواقفه وشعاراته.
من هنا، فإن الأمور ذاهبة بمنحى سياسي جديد في الداخل والخارج، والجميع يترقّب ما سيسفر عنه اللقاء الخماسي، فهل من قرارات سرية أو خطة ما سينقلها لودريان إلى المسؤولين اللبنانيين؟ تكشف مصادر سياسية متابعة أن التباعد بين معظم القوى السياسية في الداخل، له ارتباط بترقّب الخارج، وأيضاً هناك خلافات وتباينات واصطفافات جديدة بدأت تسلكها بعض الكتل والقوى السياسية من إزالة الفتور والخلافات بين عين التينة وكليمنصو، والتباعد بين الأخيرة وأحزاب وقوى مسيحية، إضافة إلى الهدوء الذي ساد على خط ميرنا الشالوحي ـ عين التينة، بعدما كانت الأمور متّجهة إلى تصعيد غير مسبوق، ما يشي أن ثمة أمراً ما، وأن البلد مقبل على مرحلة جديدة، ومن لا يكون في الأجواء التي قد تؤدي إلى تسوية شاملة سيفوته القطار، كما كانت الحال للكثيرين بعد مرحلة الطائف وما أعقبها من غياب عن الدول ومؤسساتها واستحقاقاتها السياسية والدستورية.
وفي هذا السياق، تتوقع المصادر أن تتفاعل هذه المؤشرات، إذ هناك أكثر من معطى ومعلومة تشير إلى أجواء عن لقاءات واتصالات ستحصل بين أحزاب وكتل نيابية للتأكيد على التحالف، والبعض الآخر سينتقل نحو اصطفافات وتموضعات مغايرة عن الحقبة السابقة.