قرر باراك أوباما ان يستقل طائرته ليزور السعودية وبريطانيا في نيسان المقبل في ما يبدو أنه “رحلة إعتذارية” سخيفة ومضحكة، عن الإساءات المجانية التي وجهها في لقائه مع جيفري غولدبرغ من مجلة “the atlantic”، الى حلفاء اميركا الأطلسيين والخليجيين، عندما زعم أنهم يحاولون الحصول على “رحلة مجانية” لأنهم لا يشاركون في الجهود العسكرية ولأنهم يعولون على أميركا للتدخل لحل النزاعات!
لكن أوباما الذي انسحب خلسة على رؤوس الأصابع من المسرح الدولي، آخر من يحق له الحديث عن بذل الجهود لحل النزاعات، على رغم ان اميركا تسببت بإشعال هذه النزاعات وساهمت فيها، ولا داعي لتذكير اوباما بما فعلته السياسة الاميركية في العراق حيث اعترفت هيلاري كلينتون ثم الأخضر الإبرهيمي مثلاً بأن “داعش” وُلد من رحم أخطاء السياسة الأميركية، وربما من خططها الخبيثة لدفع المنطقة الى الفتنة المذهبية!
عن أي إستراتيجية يتحدث أوباما عندما يبني كل نظرياته على الترهات، ويتناسى مثلاً قول الإيرانيين إن سوريا هي الولاية الإيرانية رقم ٥٣، وانهم باتوا يسيطرون على أربع عواصم عربية هي بغداد ودمشق وبيروت وصنعاء، ليقول إن المنافسة بين السعوديين والإيرانيين هي التي أذكت الحروب والفوضى في المنطقة ؟
وما هو المنطق المشبوه والإستفزازي الذي يتّبعه عندما يطلب من “أصدقائه الخليجيين” ان يتعايشوا مع هذه التدخلات الإيرانية التخريبية في طول المنطقة وعرضها، والواقع ان أوباما يحتاج عملياً الى أكثر من رحلة إعتذارية الى منطقة الخليج لكي يمحو اذا تمكّن، كل هذا الإفتئات على حلفاء أميركا التقليديين والتاريخيين الذين قفز فوق القواعد الأخلاقية والسياسية للتحالف معهم ليجلس في أحضان الإيرانيين اولئك الذين يعتبرونه أبن الشيطان الاكبر ويصرخون “الموت لأميركا” ؟
ترى ماذا سيقول أوباما عندما سيزور السعودية أواخر نيسان ليشارك في قمة تعقدها دول مجلس التعاون الخليجي، التي لم تكن في حاجة الى كلامه مع “ذي اتلانتيك” عن ان “لا جدوى من الشرق الاوسط“، لكي تتصرف على قاعدة ان “لا جدوى من اميركا” اذا كانت لم تعد اميركا وخرجت من دورها وتاريخها وواجبها الاخلاقي والسياسي؟
أليس من الواضح ان “عاصفة الحزم” في اليمن وما تبعها من مبادرات الملك سلمان إقامة التحالفات الأقليمية والدولية تشكّل بديلاً من التحالف مع واشنطن في زمن أوباما الذي لا يتنكر لحلفائه بل يتنكر لأميركا ومصالحها الحيوية في المنطقة ؟
أوباما سيذهب ايضاً الى لندن في زيارة إعتذارية مشابهة، بعدما وجّه الإهانة الى حليفه ديفيد كاميرون، الذي لا بد انه قرأ جيداً ما كتبه الأمير تركي الفيصل، ويستطيع بدوره ان يرفع أصبعه قائلاً: لا يا سيد أوباما!