IMLebanon

الحلول السياسية تمويه  يغطي التدمير الذاتي المستمر

الفارق في اللعبة السياسية بين ما يجري في لبنان، وما يجري في الخارج الدولي، هو مثل الفارق بين الميكرو والماكرو. وفي الداخل اللبناني ألعاب صغيرة واهتمامات جانبية ولاعبون صغار، يهدرون الوقت والجهد في صراعات عبثية ظاهرها المصلحة الوطنية، وباطنها المصالح الأنانية، الشخصية أو الفئوية للشخصيات النافذة، مع استثناءات نادرة هنا وهناك. وما يجري في المنطقة والاقليم هو أكثر فداحة وخطورة لأنه يتخذ طابع التدمير الذاتي والانتحار الجماعي في لعبة جهنمية فُرضت على أنظمة المنطقة بالاكراه والاستدراج، وليس بالاختيار وبالقرار الذاتي. والصراعات المعلنة أو الخفية داخل كل نظام بين مكوناته، تغرق تحت طوفان من التفاصيل الأساسية والفرعية، وتحصر رؤى الحكام والنافذين في روزنامة الحياة اليومية المزدحمة وتتخذ الطابع المصيري، وتجعل منها قضية حياة أو موت! وهذا ما يجعل منها رؤى صغيرة ومجهرية من نوع الميكرو، ويشغلها عن رؤية أهداف الاستراتيجيات المطبقة في المنطقة للدول العظمى…

ما يجري في المنطقة وداخل كل من أنظمتها، هو نتاج لعبة دولية من نوع الماكرو، وأساسها استراتيجيات ثابتة وسياسات متغيرة بحسب الظروف والتطورات المنظورة أو الطارئة. ومَن يتابع مجرى السياسات الأميركية والغربية خلال العقود القريبة والبعيدة، بعقل هادئ ومحلل، يدرك أنها اتبعت مجرى استراتيجية ثابتة الأهداف، بالعمل على تدمير كل مراكز القوة في العالمين العربي والاسلامي بأسلوب منهجي ومرن ومتكيف مع الظروف. وهذا الواقع سيستمر جيلاً بعد جيل الى أن يصل الى نهاياته. وما يتردد اليوم من أحاديث ومبادرات دولية بشأن حلول سياسية للأزمات العاصفة بالمنطقة، ما هو الا نوع من التمويه والخداع والتخدير لتمرير الوقت. والغرب لا يفعل ذلك خدمة لاسرائيل فقط، وانما أيضاً وأولاً، بوحي الهدف الاستراتيجي الرامي الى تمزيق المنطقة وافقار دولها الغنية وتعميم الجهل والمرض لدى شعوبها، لتسهيل استعمارها والهيمنة على مقدراتها!

هذا يعني أن الاعصار الذي يعصف بالمنطقة مستمر الى أن يسقط آخر مركز قوة فيها سواء أكان عربياً أو فارسياً أو غير ذلك!