IMLebanon

خطاب انتخابي

على رغم الضجة الكبيرة التي أثارها خطاب بنيامين نتنياهو أمام الكونغرس الأميركي، والتأييد الكبير الذي لاقاه من الجمهوريين تحديداً، فان هذا الخطاب لم ينجح في اقناع الأميركيين بمن فيهم الجمهوريون منهم بضرورة التخلي عن الاتفاق مع إيران. وجل ما استطاع نتنياهو تحقيقه هو القول ان الاتفاق المزمع التوصل اليه سيىء ويقدم تنازلات خطرة لإيران.

لقد كان في وسع نتنياهو تجنب كل الجدل الذي أثاره لو تخلى عن خطابه أمام الكونغرس، واكتفى بتسجيل ملاحظاته على الاتفاق مع إيران من دون الذهاب الى واشنطن. لكن ظهوره امام الكونغرس كان يستهدف اغراضاَ اخرى مهمة. فقد سعى نتنياهو في الدرجة الاولى الى اعادة الرونق الى صورته الانتخابية باظهار الشعبية التي يتمتع بها داخل الكونغرس الأميركي ذي الغالبية الجمهورية، حتى لو كان هذا على حساب تدهور علاقته بالديموقراطيين والبيت الأبيض وبإدارة الرئيس أوباما. لكن الحصيلة على هذا الصعيد جاءت ملتبسة، فالانتقادات التي وجهها نتنياهو الى الطريقة التي يدير فيها الرئيس أوباما المفاوضات مع إيران زادت النفور بينه وبين الديموقراطيين اصدقاء إسرائيل كما زادت الازمة مع إدارة أوباما تفاقما. صحيح ان هذا لا يعني زعزعة التحالف التاريخي بين الولايات المتحدة وإسرائيل الذي يبقى أقوى من اي شيء آخر، لكنه سيشكل عائقاً أمام علاقات طبيعية بين إدارة أوباما والحكومة الإسرائيلية المقبلة اذا فاز نتنياهو من جديد برئاستها وذلك خلال الفترة المتبقية لأوباما في الحكم.

على الصعيد الإسرائيلي الداخلي، كان للخطاب الذي نقله التلفزيون الإسرائيلي مباشرة تأثيره الايجابي لدى الجمهور الإسرائيلي، وقد برز ذلك من استطلاعات الرأي العام التي أظهرت ان شعبية نتنياهو ارتفعت بعد الخطاب من42% الى 44% وهي زيادة طفيفة قبل اسبوعين من الانتخابات النيابية، لكنها تبقى مهمة. ولعل أهم ما نجح فيه الخطاب هو توجيه اهتمام الجمهور الإسرائيلي من جديد الى الخطر الإيراني وإبعاده عن اخفاقات حكومة نتنياهو في معالجة المشكلات الاجتماعية والحياتية ولا سيما منها أزمة المساكن وغلاء المعيشة.

لكن تأثير الخطاب على الاتفاق مع إيران يبقى محدوداً. فالمطلبان الأساسيان اللذان طرحهما نتنياهو وهما التفكيك الكامل للبنية التحتية النووية في إيران، وجعل الفترة الزمنية المفروضة على إيران لمنعها من القيام بنشاطات نووية غير محددة لا لخمس أو عشر سنين، من الصعب استجابتهما. والكل يعرف ان أي تشدد في مطالب الدول العظمى الآن من إيران سيؤدي الى فشل المفاوضات وهذا ما لا يريده أحد اليوم.

قد لا ينجح خطاب نتنياهو في تغيير الاتفاق مع إيران، فهل يضمن له الفوز في الانتخابات؟