لم يكن الخطاب الذي ألقاه الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصرالله حول الشأن اليمني مُفتَتح الحملة التي تُشنّ على الحزب وبيئته، إذ سبق لهذه الحملة أن انطلقت قبل اندلاع الحرب اليمنية وبلغت ذورتها في شهادة الرئيس فؤاد السنيورة أمام المحكمة الدولية.
لا يوفّر خصوم «حزب الله» فرصة للهجوم عليه ومحاولة إسقاطه وشيطنته. هذه سياسة منتهجة في أعلى مستويات القرار لدى بعض الدول الاقليمية. وفي هذا المجال من المفيد التذكير بوثائق «ويكليكس» وما تضمّنته من كلام واضح لمسؤولين أميركيين وعرب يطلبون فيه من «حلفائهم» استهداف الحزب سياسياً، ومحاولة تعريته وطنياً، والدفع نحو جَعله «عدوّاً» في شارع الخصوم، ومتهوراً «مغامراً» عند شارعه وفي البيئة التي يمثّل.
ويقول مصدر في فريق 8 آذار «إنّ «الحملة» التي شنّتها وسائل اعلامية دفاعاً عن المملكة العربية السعودية، و»الخيار العربي» للبنان وضرورة وقوفه الى جانب الحرب في اليمن، ليست منفصلة عن السياق الذي دأب عليه فريق وازن وأساسي في قوى 14 آذار».
ويسأل المصدر نفسه: «قبل الحرب في اليمن، والاصطفاف الداخلي حولها، هل كانت الحملات السياسية والاعلامية متوقفة؟ هل احترم أصحاب هذه الحملات مقتضيات الحوار الدائر في البلد؟ هل أخذوا في الاعتبار انّ واقع البلد لم يعد يتحمّل مزيداً من الضخّ والتحريض واللعب على الغرائز؟ والأهمّ: هل ثمّة أفق سياسي داخلي لِما يطلقه البعض من مواقف متشنجة وعدائية ضد حزب الله؟ وبمعنى أوضح، هل تساهم هذه اللغة السياسية العدائية في إنتاج حلول للأزمات التي تعيشها الجمهورية؟».
ويقول المصدر: «إنّ الجواب المبدئي عن هذه الاسئلة هو النفي، الّا اذا كان البعض قد جنّ نهائياً وبدأ يرسم في مخيلته سيناريوهات عن «التدخّل العربي» ضد الضاحية الجنوبية، والقضاء على حالة حزب الله السياسية والعسكرية والتنظيمية والشعبية، وهذا أمر مستحيل في موازين العقل والمنطق والوَعي البشريَّين.
لقد حاولت اسرائيل قبل ذلك تنفيذ المهمة الصعبة، وخاضت حرباً كبيرة بشعارات كبيرة، وخرجت من هذه الحرب مهزومة لم تنفّذ حرفاً واحداً ممّا قالته، بل اصبحت حالة حزب الله أقوى وأصلب».
ويضيف المصدر: «لماذا هذا التوتير إذاً؟ ألا يحقّ للسيّد نصرالله الإدلاء بموقفه السياسي حيال أحداث اليمن؟ ألم يصدر بيان الرئيس سعد الحريري المؤيّد لـ«عاصمة الحزم» حتى بعد انطلاقها؟ لماذا ما يصحّ على الرئيس الحريري لا يصحّ على السيّد نصرالله؟
ويقول المصدر نفسه «إنّ الإصرار على الحملات، وإطلاق التهم، وتحريض الغرائز لا يخدم الحوار الداخلي، ولا الاستقرار النسبي السائد. وحزب الله الذي لا يجابه في الاعلام ولا تصدر عنه سوى بيانات توضيحية ودفاعية ليس ضعيفاً، وفي وسعه أيضاً تنظيم حملة سياسية إعلامية لا تنتهي، لكنّ السؤال ما هو مردودها السياسي؟».
ويتابع المصدر: «اذا كان الاصطفاف حاداً الى هذه الدرجة، ماذا تنفع اللغة العدوانية وماذا تضيف؟ هل في وسع هذه اللغة إنجاز الاستحقاق الرئاسي وإيصال رئيس الى بعبدا وإجراء انتخابات نيابية بعد إنجاز قانون انتخاب جديد؟». ويختم المصدر: «البلد يحتاج الى ان يلتقِط أنفاسه، والبعض مصرّ على المغامرة بالقليل الذي يملكه لبنان من الأمن والاستقرار في ظل منطقة متفجرة.
والأرجح أنّ أحداً منهم لا يفكر بالمردود السياسي والنتائج المترتبة على هذا الخطاب المتصاعد، لأنهم معتادون على أن تكون السياسة في الخارج، وأن يلعب اللبنانيون في الوقت الضائع. مع العلم انّ لبنان تجاوَز هذه المرحلة، وباتت المنطقة أمام اختبارات صعبة ينبغي أن يتوقّف «اللعب» حيالها.