من الضروري القول شكرا لمن فكر في تنظيف سجن رومية من الغوغائية التي كانت سائدة فيه (…) ولمن قرر ونفذ اجراءات اعادة ترتيب السجن ليصبح سجنا عن حق وليس مزرعة اجرام وفساد وافساد، بحسب ما كان عليه وبحسب ما قيل ويقال عنه، لاسيما ان من كان في داخله ولا يزال مرتبطا بشبكة ارهاب وترهيب لم ترق اليها افلام هوليوود ولا الــ «دياسبورا» الايطالية المشهورة بانها تخطط لكل شيء وتنفذ كل شيء بمعزل عن الدول التي تأويها (…)
وليس من ينسى اعمال المافيات في طول اميركا وعرضها، على رغم كل ما يقال عن تنظيمات الدولة من جيش ومخابرات وقضاء وشرطة، الى الحد الذي لا يخطئ فيه انسان لجهة ضلوع الكونغرس والبنتاغون، بما في ذلك البيت الابيض في اختراع العصابات تنفيذا لسياسات الدولة الاعظم في العالم، وهذا ما حصل في افغانستان ايام الاحتلال السوفياتي وما حصل بعد ذلك في ايام الاحتلال الاميركي الذي يكاد يتكرس نمطا سياسيا في مختلف دول العالم (…)
عندما قيل ان الاميركيين قد امتعضوا من حادثة الصحيفة الفرنسية شارلي ايبدو التي ضربها الارهاب الاسلامي، تساءل كثيرون عما اذا كان الهدف اميركيا او اسرائيليا، وفي الحالين كان ما حصل لمصلحة الاميركيين واسرائيل في وقت واحد. وهذه مقاربة لما حدث بفعل «التنظيم الارتدادي» الذي فعلته اميركا واسرائيل من خلال الربيع العربي الذي اقتلع انظمة واحل مكانها ارهابا منظما من المستحيل القضاء عليه بسلسلة من الغارات الجوية التي يحاول الطيران الدولي بواسطتها القضاء على كل شيء في العراق وسوريا مثلا، قبل الاعلان عن القضاء على بؤر الارهاب التي يستحيل وصفها بانها صناعة محلية؟
وفي عودة الى سجن رومية، لا بد من القول ان «دود الخل منه وفيه» جراء تسريب الممنوعات اليه من الزوار حينا ومن الحرس احيانا، الى حد تحوله الى امارة جدية ممنوع على الدولة ان تقترب منها لا من الداخل ولا من الخارج، على رغم بعض المحاولات الخجولة التي كانت تنتهي بتراجع الدولة عما كانت في صدده «لتنظيم دورة الحياة الطبيعية في السجن»، الى ان بلغت الامور حد تحريك الانتحاريين الذين نفذوا مجزرة بعل محسن من دون ان يرف جفن لهم!
صحيح انه لا حاجة الى القول ان فلانا كان وراء فكرة تنظيف سجن رومية من «التنظيمات الارهابية»، لكن من الواجب والضروري القول انها عملية جبارة بعد طول تقاعس سمح بحرية الارهاب في ان يتحرك وينفذ جرائم من المستحيل السكوت عليها وعنها، خصوصا ان الارهابيين في داخل السجن قد عرفوا كيف يربطون نشاطهم بعدد من المخيمات الفلسطينية التي لا تزال الدولة تحاذر مقاربتها لوقف انتهاكاتها للقوانين والانظمة اللبنانية بعكس ما هو حاصل مع ابناء البلد ممن ينتقم منهم القضاء لاقل هفوة او ارتكاب مخالفة؟!
ومن حيث المبدأ قد تكون عملية «اعادة ترتيب سجن رومية» مدخلا الى مقاربة الفلتان في المخيمات الفلسطينية ان في الشمال او في الجنوب، حيث لا يعقل القول ان «ارهابيي السجن كانوا يتولون تحديد مهام الارهابيين في خارجه، كما حصل بالنسبة الى مجزرة بعل محسن»، لاسيما ان الدولة لم تصدق انها فرضت الامن في طرابلس ومحيطها قبل ان تفاجأ بما حصل، جراء رغبة امنية صدرت من داخل رومية، مع العلم ان مجزرة السبت الفائت مرشحة لان تتكرر في حال لم تعرف الدولة كيف تتابع اجراءات المكافحة قبل انتظار مجزرة مماثلة، كي لا يفهم الارهابيون ان قصتهم مع الدولة قد انتهت بوضح حد للفلتان في سجن رومية؟
الاهم من كل ما تقدم ان تتابع مخابرات الجيش وقوى الامن الداخلي ما لديها من معلومات موثقة عمن كان «سكان رومية» يتصلون بهم من الخارج، اقله لمعرفة ما قد يحصل قبل حصوله، وهذا الشيء المرجو لا بد وان يفتح الباب امام كل ما من شأنه ارباك السلم الاهلي وتجنب حصول اختراقات غير مستبعدة بحسب ما يذاع ويقال ويشاع!
اما القول ان تنظيم «النصرة» او «داعش» يقفان وراء ما حصل في بعل محسن فهو قول يحتاج الى اثبات، كي لا تتطور الامور باتجاه الانتقام من العسكريين المحتجزين في جرود عرسال اللبنانية والقلمون السورية، خصوصا ان لا شيء يمنع حصول تطورات دراماتيكية من جانب الارهابيين الذين يؤخرون انتقامهم لاسباب لا علاقة لها بالاخلاق، باستثناء ما له علاقة بمصلحة الارهابيين الذين تلبى مطالبهم بحذافيرها، خوفا من تنفيذ تهديداتهم، الامر الذي يعني ان من الواجب استكمال خطة سجن رومية بعملية ما خارج السجن وفي المخيمات الفلسطينية تحديدا؟!