لا زالت المخاوف قائمة جراء الإرهاب المستشري في طول البلاد وعرضها، حيث تشير الأجواء وفق بعض المعنيين بالملف الأمني، إلى إمكانية التيارات الأصولية من تسديد ضربات جديدة في أماكن متعدّدة بهدف إرباك الساحة الداخلية، وتوجيه رسائل متعدّدة الإتجاهات والجوانب سياسياً وأمنياً. ولكن، وفي موازاة هذه الأوضاع، فإن جهات سياسية مطّلعة تبدي قلقاً كبيراً من حصول اهتزازات أمنية وتفجيرات واسعة النطاق في بعض المخيمات الفلسطينية، ولا سيما في مخيم عين الحلوة، وما تحرّك «جند الشام» في الساعات الماضية على خلفية ما جرى في سجن رومية، إلا المؤشّر الحقيقي لحصول أمور مريبة في هذا المخيّم، إضافة إلى ما كان جرى في السابق من انشقاق «فتحوي» عبر «اللينو»، ما يوحي بأن هذا الإنشقاق، وفي هذه المرحلة الخطيرة بالذات، قد يكون على خلفية ما يجري في سوريا واليمن والعراق، بغية العمل على خلق بيئة حاضنة لتنظيم «داعش» و«جبهة النصرة» في المخيّمات من خلال دعم وتمويل بعض الفصائل الفلسطينية، بحيث أتى توقيت هذا الإنشقاق ليحمل الكثير من الدلالات، في ظل المخاوف الكثيرة من تحوّله إلى صراعات مسلّحة، على غرار ما كان يجري إبان جولات الاقتتال الفلسطيني ـ الفلسطيني.
وعلى هذا الخلفية، أضافت الجهات السياسية نفسها، فإن المرحلة مهيأة لعنصر المفاجأة في أي توقيت، خصوصاً وأن الذين يتابعون ويواكبون الحراك الحاصل اليوم في مخيّم عين الحلوة، يستشفّون أن الوضع داخل المخيّمات لا يوحي بالارتياح، ولا سيما في المخيّم الفلسطيني الأكبر في عين الحلوة، كونه يضم أكبر شريحة من التيارات الأصولية المتشدّدة وهو قابل للإشتعال عند أي احتكاك بين اي طرف وآخر. ويمكن القول في هذا الإطار، وبحسب الجهات ذاتها، أن الإتصالات جارية على أكثر من خط إن على الصعيد اللبناني ـ الفلسطيني، أو الفلسطيني ـ الفلسطيني من أجل ضبط الوضع في هذه المخيّمات وعلى الساحة الفلسطينية بشكل عام. لافتة إلى أن المعلومات التي تملكها الأجهزة الأمنية تفيد بأن ما يمكن أن يفجّر الأوضاع، يكمن بداية في تفاعل الحراك في صفوف الإسلاميين الموجودين في سجن رومية والشمال، وخصوصاً بعد أحداث الشغب في سجن رومية، ومن ثم يجري تحريك مخيّم عين الحلوة من خلال الجهات الأصولية، وتحديداً «جند الشام»، مؤكدة أن هذه حالة قائمة أمام ما جرى بالأمس، ربطاً بالبيانات الأخيرة لـ«جبهة النصرة» و«داعش» وتفجير جبل محسن، مما يعني أن اللعبة مفتوحة على كافة الإحتمالات في عين الحلوة وسواها. ولا تنفي الجهات السياسية بأن هناك رقابة قوية على مداخل جميع المخيّمات وتحرّكات استخباراتية واسعة النطاق، إنما القلق يكمن في اتساع رقعة انتشار الإرهاب والمسلحين، بغية إرباك القوى الأمنية اللبنانية وفي طليعتها الجيش اللبناني، لا سيما وأن جبهة عرسال ذات المساحة الجغرافية الكبيرة، إضافة إلى إمكانية عودة تحريك الخلايا النائمة في الشمال وصولاً إلى مخيّمات الجنوب الأمر الذي قد يفتح الآفاق واسعاً أمام المدّ الإرهابي مستفيداً من الأحداث المتتالية محلياً وإقليمياً وصولاً إلى العاصمة الفرنسية. كاشفة أن الإتصالات جارية على قدم وساق من خلال بعض القيادات العسكرية وقيادات في حركة «فتح» المتواجدة في عين الحلوة، إضافة إلى التواصل القائم ما بين النائب بهية الحريري ولجنة التنسيق اللبنانية ـ الفلسطينية، وتالياً هناك وعد من القيّمين على مخيّم عين الحلوة ممّن انتدبتهم السلطة الفلسطينية للإمساك بزمام الأمور. لكن، تابعت الجهات السياسية عينها، أنه أمام المدّ التكفيري والأصولي، والعملية الأخيرة في جبل محسن، والتهديدات التي أطلقتها «داعش» و»النصرة»، فإنه ليس بمقدور الحكومة لجم الوضع في حال فلتت الأمور من عقالها، لا سيما وأن للمحاور الإقليمية جذورها داخل المخيّمات الفلسطينية وبإمكانها «خربطة» الأوضاع فيها ساعة تشاء، إنما يبقى التوقيت في يد هذه المحاور.