رغم حصول الحريري على تغطية بكركي للتمديد لا يزال السجال مع مكوّنات 14 آذار
وبري لا يستطيع أن يتجاهل رفض المكوّن المسيحي وإصراره على إجراء الإنتخابات
هل يستطيع المكوّن المسيحي الاتفاق على رفض التمديد بعدما عجز عن الاتفاق على رئيس؟
بعد اللقاء بينه وبين الرئيس سعد الحريري في روما قبل بضعة أيام، سُئل البطريرك مار بشارة بطرس الراعي عن المواضيع التي بحثها مع رئيس تيار المستقبل فأجاب بأنه والرئيس الحريري يتكلمان لغة واحدة، وكان بذلك يريد أن يقول لسائله أنه يتبنى حرفياً كل ما ورد في تصريح الرئيس الحريري عن هذا اللقاء.
وكان رئيس تيار المستقبل حدد في تصريحه بعد اللقاء ثلاثة مواضيع أساسية تركز البحث حولها بينه وبين البطريرك الراعي وهي الاستحقاق الرئاسي وضرورة التسريع في ملء الشغور في رئاسة الجمهورية عن طريق بكركي التي بإمكانها إقناع النائب ميشال عون والدكتور سمير جعجع بسحب ترشيحيهما لأن حظوظهما معدومة في ظل التوازن الحاصل داخل مجلس النواب لمصلحة مرشح ثالث تتفق عليه القيادات المسيحية.
أما الموضوع الثاني، فيأتي استكمالاً للموضوع الأول بمعنى أنه لا يجوز ميثاقياً إجراء الانتخابات النيابية في ظل الشغور الرئاسي، وبالتالي يجب التمديد لمجلس النواب حتى يصار خلال هذا التمديد الى ملء الشغور وذلك لأن إجراء الانتخابات النيابية في ظل استمرار الشغور في رأس الدولة يخلق إشكالات دستورية كثيرة لا تقتصر فقط على موضوع تشكيل حكومة جديدة طالما أن الحكومة الحالية تصبح مستقيلة حكماً بعد الانتخابات النيابية ومَنّ يُجري الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف الشخصية التي تسميها الأكثرية النيابية لتشكيل الحكومة العتيدة.
وهذا الاجراء يعتبر عند الرئيس الحريري مخالفاً لأحكام الدستور، ويؤدي حكماً الى الفراغ في الحكومة يضاف الى الفراغ في رئاسة الجمهورية مما يترتب على هذا الأمر تداعيات كثيرة على النظام اللبناني وعلى مصير هذا النظام في ظل الفراغ في رئاسة الجمهورية وفي رئاسة الوزراء والوزراء أيضاً.
أما الموضوع الثالث الذي جرى بحثه في هذا اللقاء بين البطريرك الراعي والرئيس الحريري فيتعلق بالخطر الداهم الذي يشكله وصول داعش والنصرة الى لبنان من نافذة جرود عرسال التي جاؤوا إليها من مناطق القلمون والقصير السورية بعد الحملة التي شنها الجيش السوري بالتعاون مع حزب الله الذي يدّعي بأن إليه يعود الفضل في هزيمة داعش، واعتبرا أن هذا الخطر لا يمكن مواجهته إلا بوحدة الموقف اللبناني من 8 آذار الى 14 آذار وبالتالي ضرورة انتخاب رئيس جديد للجمهورية يدير حواراً بنّاءً لتوحيد الموقف اللبناني.
آراء الأوساط السياسية تُجمع على أن تعليق البطريرك الراعي على الاجتماع جاء ليتبنّى المواضيع الثلاثة التي أثارها الرئيس الحريري في الاجتماع، وهذا يعني أن بكركي لم تعد حيادية في موضوع التمديد للمجلس النيابي بل دخلت طرفاً فيه الى جانب الفئة التي تطالب بالتمديد للمجلس طالما أن مكوّنا من المكوّنات اللبنانية أعلن أنه لن يشارك في الانتخابات النيابية إذا وقعت قبل إملاء الشغور في رئاسة الجمهورية.
وإذا كان هذا صحيحا في المبدأ وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري من جنيف موافقته عليه، أي أنه لن يقدم على خطوة إجراء الانتخابات النيابية ما دام المكوّن السنّي رافض للمشاركة فيها لأن موافقته عندئذٍ تصبح تجاوزا لصيغة الميثاق الوطني واتفاق الطائف اللذين نصّا على مشاركة كل المكونات اللبنانية في الانتخابات النيابية، كما في الحكومة لتصبح الانتخابات والحكومة ميثاقيتين.
لكن الرئيس بري لم يفطن الى أن هناك مكوّناً آخر، هو المكوّن المسيحي المؤلف من التيار الوطني الحر ومن الكتائب والقوات اللبنانية وربما من المردة أيضاً ما زال يرفض التمديد لمجلس النواب قبل إملاء الشغور في رئاسة الجمهورية وثمّة اتصالات خفية تجري بين هؤلاء الذين يشكلون المكوّن المسيحي إما لمقاطعة جلسة مجلس النواب التي يدعو إليها الرئيس بري وإما التصويت ضد التمديد لمجلس النواب لأنه في نظرهم ومعرفتهم بالدستور يأتي مخالفاً لصيغة العيش المشترك ولوثيقة الوفاق الوطني، فهل يمكن للرئيس بري أن يتجاهل هذا المكوّن ويقدم على دعوة مجلس النواب الى عقد جلسة للتمديد له في ظل غياب واعتراض هذا المكوّن أم أنه يرجئ الموضوع الى أن يجد حلاً له بالتوافق مع المكوّن المسيحي المعارض كما أعلن تبنيه لموقف الرئيس الحريري الذي أعلن بعد مقابلته للبطريرك الماروني بشارة الراعي استعداده لسحب تراشيح نوابه في حال وجد أن رئاسة مجلس النواب لن تدعو الى جلسة نيابية من أجل التمديد للمجلس الحالي الى أن يصار الى انتخاب رئيس جديد للجمهورية وبالتالي ملء الشغور في موقع الرئاسة الأولى في البلد والتي هي حصة الطوائف المسيحية في البلد.
تعتقد مصادر نيابية أن الرئيس بري قد لا يقدم على دعوة مجلس النواب الى عقد جلسة تتعلق بموضوع التمديد لنفسه مرة ثانية قبل أن ينجلي حقيقة موقف القوات اللبنانية والكتائب وتيار المردة من هذه الدعوة على اعتبار أن التيار الوطني الحر أعلن موقفه الرافض للتمديد، وهل ثمة تعديل في موقفها يتماهى مع موقف بكركي الإيجابي الذي حصل عليه في روما رئيس تيار المستقبل سعد الحريري.