IMLebanon

هل يمكن لجيش جائع خوض غمار حرب جديدة مع «حزب الله» في لبنان؟

هل يمكن لجيش جائع خوض غمار حرب جديدة مع «حزب الله» في لبنان؟

إسرائيل تفتقد الغطاء الأميركي لأي عدوان ومنظومة الحزب الصاروخية تكبّلها

تل أبيب تريد ثمناً باهظاً مالياً وتسليحياً مقابل سكوتها عن تمرير الإتفاق النووي

أوحت الأحداث التي جرت في الجنوب على خلفية اغتيال إسرائيل لعدد من عناصر «حزب الله» في القنيطرة السورية بأن الحرب الثالثة بين إسرائيل والحزب قد اندلعت شرارتها وأن الأمور تتجه للانفلات من عقالها وبالتالي دخول لبنان مجدداً في آتون البارود والنار والدمار على شاكلة ما حصل إبّان عدوان تموز العام 2006 وربما هذه المرة تكون المعركة أكثر احتداماً وأكثر اتساعاً نظراً للمستجدات التي طرأت على المشهد الإقليمي في السنوات الثلاث الأخيرة، غير أن الأمور سرعان ما أخذت منحى تبريدياً انتهى بعد بضع ساعات الى عودة الأوضاع إلى ما كانت عليه من هدوء وإن بشكل نسبي نظراً لإبقاء الجانبين اليد على الزناد في ظل غياب أي اتفاق جديد غير القرار 1701 الذي لطالما تم خرقه من قبل إسرائيل منذ العام 2006 حتىا لساعة.

كان الملاحظ أن دول القرار في المنطقة لا تنحاز إلى جانب الانزلاق باتجاه الحرب نحو ما لا يُحمد عقباه وقد ظهر ذلك جلياً من خلال الموقف الأميركي السريع والذي تضمن عبارة أن ما حصل خطير غير أنه لا يستأهل حصول حرب، هذه الرسالة فهمتها إسرائيل جيداً ومفادها أن واشنطن ليست في وارد تغطية أي قرار إسرائيلي بخوض غمار حرب جديدة مع لبنان لاعتبارات كثيرة لدى الأميركيين يأتي في مقدمها الخوف من الإطاحة بالتسوية التي تُحاك على خط الملف النووي الإيراني، ناهيك عن انشغال الإدارة الأميركية بملفات متعددة في المنطقة تعتبرها أكثر أهمية وبالتالي فإنه لا يمكن اتخاذ هكذا خطوة هي في الأصل غير مضمونة النتائج.

وبغضّ النظر عن الموقف الأميركي – الأوروبي حيال أي حرب من هذا النوع، فإن إسرائيل هي في الأصل غير مهيّأة لا نفسياً ولا لوجستياً وعسكرياً لخوض غمار حرب جديدة مع «حزب الله» سيّما وأن كل التقارير العسكرية تتقاطع عند حقيقة لا يمكن لأحد من السياسيين والعسكريين الإسرائيليين إنكارها وهي أن اندلاع أي حرب لن تكون لصالح تل أبيب سيّما وأن كل التقارير تُجمع على أن ترسانة «حزب الله» العسكرية وتحديداً الصاروخية باتت أضعافاً مضاعفة عمّا كانت عليه خلال حرب تموز، إضافة الى أن قواعد الاشتباك لن تبقى على حالها في الوقت الذي أعلن السيّد حسن نصر الله أكثر من مرة وفي أكثر من مناسبة بأن رجال المقاومة بصدد الدخول هذه المرة الى المناطق الشمالية لفلسطين وأن الصواريخ التي بحوزة المقاومة باتت تطال العمق الإسرائيلي وهي ستنزل كزخات المطر على القواعد العسكرية والمراكز والمؤسسات الاستراتيجية التي كانت منذ احتلال فلسطين تعتبر من المحرّمات التي يصعب على أي كان المساس بها، وهذه المنظومة تكبّلها، هذا ناهيك عن الوضع الاقتصادي المتردي الذي تعاني منه إسرائيل حيث وصل الأمر بصحيفة معاريف الإسرائيلية الى الإشارة الى أن مجموعات من الجنود في الوحدة الخاصة التي تم حشدها بالقرب من الحدود اللبنانية في الآونة الأخيرة تشكو قلة الغذاء الذي يصل إليها حيث وصلت الأمور الى حدّ الجوع، والطلب من سكان المنطقة تزويدهم بالطعام واتضح لهؤلاء بأن هناك مجموعات من الجنود قد سبقتهم في الطلب من السكان تزويدهم بالطعام أيضاً، وهو ما يطرح السؤال بأنه كيف لجيش جائع ومصاب بالعقد النفسية سيكون في مقدوره خوض حرب مع حزب يجاهر بقوته العسكرية وبقدراته القتالية والمالية.

وفي تقدير أوساط سياسية متابعة ان إسرائيل لم تكن في الأصل تتوقع الرد السريع لحزب الله على عملية القنيطرة وهي وإن أخذت في الاعتبار بعض التدابير الوقائية غير انها وجدت نفسها غارقة في المأزق حيث جاء الرد في الوقت والمكان اللذين لم يكونا مدرجين على خرائط القيادات العسكرية، كما انها لم تكن في ظرف يسمح لها بخوض حرب على غرار حرب تموز ولو كانت خسائرها أكبر بكثير من تلك التي تحققت في ضرب موكب الضباط والجنود.

وتؤكد الأوساط انه إذا كانت إسرائيل منذ سنوات تحسب ألف حساب قبل القيام بأي مغامرة عسكرية ضد لبنان على غرار ما كانت تقوم به، فإنها اليوم تحسب مليون حساب لذلك، سيما وأن هامش وجود وتحرك الحزب بات واسعاً ويمتد من الناقورة إلى الجولان وفي أي مكان يتواجد فيه الإسرائيلي بعد ان أعلن السيّد حسن نصر الله سقوط ما يعرف بقواعد الاشتباك والتحرر من أية قيود لا بل الذهاب إلى الجزم بأن الرد سيكون فورياً وفي أي مكان وزمان على أي اعتداء ولو كان هذا الاعتداء قد طال أحد عناصر الحزب.

إن كل هذه المعطيات والوقائع تؤكد بأن ما جرى الأسبوع الفائت قد توقف عند هذا الحد، وأن العوامل والعناصر المطلوبة لاندلاع أي حرب على نطاق واسع غير موجودة في الوقت الراهن، وهو ما يعني ان فرضية الحرب ساقطة بالمعنى العملي وإن كان الطرفان يضعان الاصبع على الزناد تحسباً لأي طارئ، من دون ان ينفي ذلك إمكانية ان تستعر الحرب الأمنية والاستخباراتية بين الجانبين وهي في الأصل لم تتوقف وقائمة على قدم وساق. ويذهب البعض إلى توقع قيام إسرائيل بشن العدوان على أعتاب الدخول في مرحلة توقيع الاتفاق السياسي على الملف النووي، غير ان هذه التوقعات غير مبنية على وقائع وهي لا تعدو كونها من باب التحليل المبني على قاعدة ان إسرائيل غادرة وربما ترى في قيامها بتوتير الأجواء مع حزب الله إطاحة بالاتفاق النووي، غير ان هناك من يضع التهويل الإسرائيلي في خانة الابتزاز حيث تسعى إسرائيل لكي تقبض ثمن تمرير هذا الاتفاق مالياً وعسكرياً ويبدو ان بشائر ذلك بدأت تظهر من خلال إعلان الإدارة الأميركية عن تقديم مساعدة لإسرائيل تقدر بعدة ملايين من الدولارات.