مر عيد الميلاد بسلام فلم يحصل اي خرق او اختراق امني كانت ترصده الاوساط الامنية ويتفاوت بناء لإشارات معينة بين التحضير لعمل انتحاري او هجوم على احد السجناء سواء في رومية او الريحانية او طرابلس او لتنفيذ السيناريو الأخطر بهجوم ارهابي لارتكاب مجزرة في احدى البلدات المسيحية او الشيعية او الدرزية في البقاع او حتى المناطق الشمالية او الهجوم على مواقع للجيش اللبناني يكبد المؤسسة العسكرية خسائر بشرية وفي الارواح تضاف الى ما خسرته المؤسسة والى جرح العسكريين المخطوفين لدى داعش في جرود عرسال، ولكن مرور القطوع الميلادي بخير لا يعني ان الفترة الفاصلة عن محطة رأس السنة لن تكون مفصلية او خطيرة فكل المؤشرات تدل على ازدياد المخاطر، والأجهزة الامنية وخصوصاً الجيش رفع من درجة احتياطاته العسكرية وتأهبه الى الدرجة القصوى بعد ورود وتقاطع المعلومات عن تحضير داعش لتصفية النصرة في القلمون السورية وفي عرسال وعن الاستعداد لعمل ارهابي ينغص على اللبنانيين هدوءهم في زمن الاعياد ويعيد فرض الرعب من جديد.
ولكن السؤال هل تستطيع داعش النفوذ من خط النار والتسلل من المواقع التي عززتها القيادة العسكرية في عرسال او من خطوط نار حزب الله الذي يحكم السيطرة على تلال ومواقع اساسية واستراتيجية ؟ المعلوم ووفق عملية الرصد لحركة داعش على الحدود الشرقية فان الواضح ان داعش تحضر وتحشد المقاتلين والامكانيات اللوجستية تحضيراً لمعركة ما او عملية نوعية ربما تكون بعض البلدات البقاعية مسرحاً لها، لكن العارفين في الوضع الميداني لا يضعون في الحساب امكانية داعش في تحقيق اهدافها خصوصاً ان الجيش من جهة وحزب الله من جهة اخرى كما اهالي البلدات التي تتخوف وتتحسب لعمل ارهابي قد عمدوا الى زيادة استعداداتهم وتحصيناتهم والى رفع مستوى جهوزيتهم، وعليه فان اي هجوم يحضر له الارهاربيون لفك الحصار عنهم او لتوجيه ضربة نوعية سيكون مصيره الفشل وتقهقر المسلحين، فالجيش الذي تعرضت مواقعه العسكرية لهجومات انتحارية في عرسال وفي ضهر البيدر ووقع عدد من عناصره اسرى لدى داعش والنصرة يتحسب لكل الاحتمالات، وحزب الله الذي اختبر تكتيك المسلحين في سوريا والهجوم على موقعه في عسال الورد جاهز للتصدي لاي تحرك مرتقب للمسلحين. وعليه فان جبهة عرسال وفق المتابعين تبقى ممسوكة الى حد كبير، وتبقى الاحتمالات والسيناريوهات الفجائية التي يمكن ان يلجأ اليها المسلحون واردة، وعنصر المفاجأة هنا يعني وفق المتابعين ان يقوم الارهابيون بنقل المعركة الى موقع آخر ليس في الحسبان فيما كل الثقل موضوع على جبهة معينة، وهنا لا يلغي المتابعون فرضية عودة التفجيرات مثلاً او ان يعمد المسلحون ربما الى ارتكاب عمل ارهابي في احدى المناطق والاهداف غير المتوقعة، ومن هنا يمكن فهم الإجراءات الاحترازية التي نفذتها قيادة الجيش حول السجون والحواجز والمواقع العسكرية.
وما يعزز المخاوف بعيداً عن مسرح عرسال هو الخلايا النائمة المنتشرة في المناطق والتي يمكن ان تتحول الى خلايا يقظة في اي وقت فما تمتلكه الاجهزة الامنية من وثائق ومعلومات وما تظهره التحقيقات مع الموقوفين يظهر حقائق مرعبة ومخيفة حول حجم الارهاب وتغلغله وحول عدد الارهابيين المنتشرين في المناطق وصلتهم بالتحضير والتخطيط لاعمال ارهابية خطيرة. ومن هنا فان مرور الميلاد المسيحي بدون اشكاليات امنية لا يعني ان الوضع بات آمناً وان الارهابيين انكفأوا عن الساحة اللبنانية، وبالعكس فان لجوء هؤلاء الى وقف الاعدامات واظهار النيات الحسنة في ملف العسكريين المخطوفين من خلال الموافقة على التفاوض من خلال نائب بلدية عرسال لا يعني فرض الهدنة انما في الحسابات الامنية ربما يعني لمفاجأة غير متوقعة في محطة رأس السنة او ما قبلها بقليل او بعيد، فمشهد الحوار الداخلي والتقارب بين حزب الله والمستقبل بصورة خاصة لا يرضي المسلحين ولا يعتبر عاملاً ايجابياً لصالحهم.