باريس تحضّر لزيارة روحاني.. ولا خطة لبنانياً
هل تستطيع فرنسا صياغة تسوية رئاسية؟
بينما تستعد فرنسا لاستقبال الرئيس الإيراني حسن روحاني في 15 تشرين الثاني الجاري، بدا أنها دخلت في مرحلة تحضير الملفات التي ستطرح على الطاولة، ومن بين أبرزها الملف اللبناني بكل تشعباته، بالرغم من أن روحاني كان أبلغ الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند خلال لقائهما في نيويورك، قبل نحو شهر ونصف الشهر، أن انتخابات رئاسة الجمهورية هي شأن لبناني.
زوار العاصمة الفرنسية من اللبنانيين، لمسوا مؤخراً نوعاً من الارتباك الفرنسي في التعاطي مع مختلف قضايا المنطقة، وخصوصاً في الشأن السوري الذي يبدو أنه تسبب بنوع من التوتّر لدى المسؤولين الفرنسيين الذين لا يخفون انزعاجهم الذي بلغ حدود الغضب من الولايات المتحدة الاميركية بعدما تبين انهم مثل «الزوج المخدوع». أما لبنانيا، فالارتباك ظاهر عشية زيارة روحاني بسبب عدم وجود خارطة طريق لولوج الحل الرئاسي ولا تفويض لها.
ويذهب أحد زوار باريس من السياسيين اللبنانيين الى القول ان الفرنسيين «باتوا يبحثون عن مخارج لمآزق وضعوا انفسهم في خضمها بعد المواقف المتصلبة التي اتخذتها قيادتهم، لاسيما الازمة السورية، بينما الجانب الاميركي الذي قاد هذه الموجة حافظ على خيط رفيع يمكّنه من الاستدارة متى شاء، وهو يفعلها الآن عبر المعبر الروسي».
لا يخفي الفرنسيون، بحسب السياسي اللبناني، تعابير غضبهم الشديد من الادارة الاميركية بسبب ما يصفه الفرنسيون «الاستخفاف الاميركي بحلفائهم في ما خص الملف السوري». في رواية الفرنسيين أنه «قبل شهر من بدء عاصفة السوخوي الروسية، تم الاتفاق بين موسكو وواشنطن على توقيت البدء بالعملية ولم يبلّغ الفرنسيون بها الا قبل زمن قصير من ساعة الصفر لبدء الضربات الروسية».
اما المعلومات الفرنسية حول هذا الامر فتقول، حسب السياسي اللبناني، ان «السياسة الاميركية في سوريا منذ البداية كانت اضعاف النظام واضعاف المعارضة سويا، اي انهاك الطرفين لفرض تسوية عليهما وفق المشيئة الاميركية، ولكن في الفترة الاخيرة وصلت الامور الى درجة ان الجماعات الراديكالية في سوريا اصبحوا يمتلكون سلاحا نوعيا وحشدا بشريا ضخما بما هدد توازن القوى في ظل ضخ سلاح ومال خليجي مع فتح الحدود التركية».
ويرى السياسي اللبناني ان «واشنطن، التي ليست في وارد التدخل لصالح الرئيس بشار الاسد كون هدفها الاساس اسقاطه والاتيان برئيس آخر مع الحفاظ على النظام العلماني، كان همها التفاهم مع الجانب الروسي ليقوم بهذه المهمة حتى لا تستغل ايران الموقف وتصبح هي سيدة الساحة السورية بالكامل، انطلاقا من جعل العنوان الروسي رأس حربة في دفع الجميع الى التفاوض والبحث عن تسوية».
يعتبر الفرنسيون أنهم وُضعوا في موقف حرج «لأن اتمام الاتفاق من دون ابلاغهم في توقيت مقبول على الاقل، حتى يأخذوا الوقت الكافي في تأمين استدارة تحفظ ماء الوجه، لا ان يكتشفوا انهم في موقف الخصم والعدو اللدود للنظام السوري مما سيؤثّر حكما على مصالحهم الحيوية في المنطقة عندما تنجز التسويات، ناهيك عن الصعوبة في فتح الباب الايراني ببعده الاقتصادي والمالي والاستثماري».
اما في ما خص الملف اللبناني، فان المعطيات التي يعود بها زوار باريس تفيد انه ليس بمقدور الفرنسيين فعل شيء، خصوصا في انجاز الاستحقاق الرئاسي «صحيح ان الاميركيين اعطوهم دورا في عملية تشكيل الحكومة الحالية عبر الاتصالات التي جرت على خطي طهران والرياض، الا ان ذلك لا ينطبق بالضرورة على الملف الرئاسي الذي صار واضحا ان مقاربته مختلفة كليا».
ويلمس السياسيون اللبنانيون في لقاءاتهم الباريسية ان لا خطة واضحة لدى الفرنسيين رئاسيا، وأن القمة الفرنسية ـ الإيرانية منتصف الشهر الحالي، ستحمل كلاما يشجع على اتمام الاستحقاق من دون ان يكون لهذا الاعلان ترجمة عملية. في رأي هؤلاء السياسيين أن كل الكلام عن ربط زيارة الرئيس الفرنسي الى لبنان بتطور نوعي في الملف الرئاسي، هو نوع من محاولة لابقاء الامل معقودا على انه يوما ما سيكون للبنان رئيس للجمهورية.
لا يشكل الفرنسيون نقطة جمع في لبنان، وبالتالي لا يمكن لباريس ان تدير توافقا رئاسيا، بحسب السياسي اللبناني الذي يشير إلى أن فريق «8 اذار» يرى ان باريس لديها الاولوية الاسرائيلية تليها الاولوية السعودية، ولذلك فإن هذا الفريق يعتبر أن «فرنسا ليست هي في الموقع الذي في امكانه صياغة تسوية رئاسية، والتي صار مسارها مرتبطاً بتقدم خارطة التسوية السورية».