IMLebanon

هل يستطيع «الجنرال» أن يكون جزءاً من الحل؟

جعجع «يخدّر» في الرابية.. وينتظر في معراب!

هل يستطيع «الجنرال» أن يكون جزءاً من الحل؟

عندما «اقتحم» سمير جعجع مقر الجنرال عون في الرابية بشكل مفاجئ قبل يوم من موعد زيارته التي كانت مقررة، ظهر جعجع وكأنه «المبتدأ والخبر». وبدا عون، خلال المؤتمر الصحافي المشترك بينهما، «مذهولاً» بـ «ضيفه الثقيل» – العدو اللدود له.

هذه الصورة شكّلت صدمة إيجابية لحلفاء جعجع من بيروت إلى الرياض، ودفعت بأحدهم الى القول للمحيطين به أثناء متابعته لوقائع المؤتمر الصحافي المشترك لكل من جعجع وعون، «إننا نخاصم عون منذ العام 2005 ونحن لم ننجح في استيعابه او ترويض خصومته، بينما جعجع نجح وبسهولة في استيعاب عون عبر هذه الزيارة التي خرج منها منتصرا بالنقاط على عون.. بالشكل والمضمون».

لم تقتصر التعليقات على حلفاء جعجع، إنما كان لها مساحة عند خصومه وعند قيادات سياسية عانت من الصراع المرير بين الرجلين. وقال أحد هذه القيادات إن زيارة جعجع إلى عون في الرابية ينطبق عليها المثلان القائلان «تمخّض الجبل فولّد فأراً» و «البقرة ملأت الدلو حليباً ثم رفسته»، معتبراً أن عون «بنى مسيرته السياسية من قيادة الجيش مروراً برئاسة حكومة العسكريين وصولاً إلى عودته من المنفى، على خصومته لجعجع القائد الميليشياوي الذي اعدمت قواته جنود وضباط الجيش اللبناني، وإذ به ينتهي سهلاً غير ممتنع بين يدي جعجع».

في رأي ذلك القيادي أن «زيارة جعجع إلى الرابية أضرّت بمسيرة عون السياسية وبمشروعه الوطني، وأضعفت موقعه السياسي الوازن داخل المعادلة اللبنانية. كما أن صورة جعجع إلى جانب عون، وخاصة وهو يربت على كتفه، تقشعّر لها الابدان نظراً لتاريخ طبع علاقة الرجلين».

وفي الإطار نفسه، يكشف وزير خارجية مخضرم أنه سمع من مرجعية دينية عالمية أنها «تحمّل عون وجعجع مسؤولية تراجع الدور المسيحي في لبنان نتيجة الحروب العبثية العسكرية والسياسية التي دارت بينهما»، كما ينقل عن المرجعية قولها إن «في لبنان قيادات وشخصيات سياسية عديدة، لكن وحده وليد جنبلاط يتمتع بصفة الزعامة».

ومناسبة إشارة الوزير المذكور إلى جنبلاط هو تذكّره لقوله إن «الموارنة يتقنون فن الانتحار». وذكّر بقول له كان قد صرّح به في مناسبات عدة سابقة خلال الحرب الاهلية وبعدها من أن «معظم القادة الموارنة لا يفقهون من العمل السياسي أبعد من أنوفهم».

في قراءة القيادي نفسه أن جعجع قام بزيارته المفاجئة الى الرابية قبل يومين من انعقاد جلسة مجلس الوزراء من اجل «تخدير» عون عبر الايحاء له بامكانية دعمه في الانتخابات الرئاسية لتمرير التمديد لمدير عام قوى الامن الداخلي اللواء ابراهيم بصبوص بهدوء، ومن دون دفع عون الى اتخاذ خطوات تصعيدية داخل الحكومة ولمنع تفجيرها.

ويفترض، بحسب هذه القراءة، أن يحضّر جعجع لدعوة عون إلى زيارته في معراب في شهر آب أو مطلع أيلول، أي عشية التمديد الثاني لقائد الجيش، من أجل تمرير هذا التمديد أيضاً، حيث سيقيم مأدبة على شرفه بحضور نواب ووزراء «تكتل التغيير» ونواب ومسؤولي «القوات اللبنانية».

ويقول قطب نيابي مسيحي مخضرم إنه «سواء زار عون معراب تلبية لدعوة جعجع أو لرد زيارته إلى الرابية، فإن الزيارة ستؤثر على مسيرته السياسية». وإذ يؤكد القطب على صحة ما يقوله أركان الطرفين أن الساحة المسيحية بحاجة إلى إجراء مصالحة ووفاق بينهما، لكنه يرى أن الأصح هو أن «هذا الوفاق لا يجب أن يكون على حساب المبادئ والقيم الوطنية الصحيحة، إذ أن إعلان النيات كان بمضمونه فارغاً، حيث لم يتوافق الطرفان لا على نظرتهما إلى حزب الله والمقاومة ولا على العلاقة مع سوريا والموقف مما يجري ولا على كيفية مواجهة التطرف التكفيري الذي لا يرى فيه جعجع خطراً في حين يراه عون تهديدا للوجود المسيحي».

ويقول القطب المذكور إن «وضع عون اليوم شبيه بوضعه العام 1990، فحينها أيقن أنه يستحيل أن يكون هو الحل، لكنه أضاع على نفسه فرصة أن يكون شريكاً في صناعة هذا الحل، عبر اتفاق الطائف. ويتكرر الأمر نفسه اليوم، إذ على عون أن يقتنع أنه ليس الحل، وإذا بقي على موقفه الراهن، سيضيّع عليه مرة أخرى فرصة أن يكون جزءاً من الحل».