Site icon IMLebanon

هل يستطيع لبنان مواجهة المجتمع الدولي؟

 

ألقى الرئيس عون كلمته في الأمم المتحدة في نيويورك طارحاً المشكلة الأكثر إلحاحاً في لبنان، ألا وهي أزمة النازحين التي تجاوزت قدرة لبنان على تحمّلها خاصة مع توقف مساعدات الأونروا وكأنها تمهد لسيناريو توطين ينسحب على الفلسطينيين أيضاً, ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية من جهة وسيف العقوبات الأميركية المتوقعة على «حزب الله» من جهة أخرى، مع كل ما يعني ذلك من انعكاسات على الاستقرار المالي ككل…  ولكن ما أن تطرح الأزمة الاقتصادية حتى يلوح مسلسل الفضائح، التي لا تزال تتوالى الواحدة تلو الأخرى، من دون أن يرفّ جفن لمسؤول أو يحسب حساب مساءلة أو عقاب, مع كل الانعكاسات السلبية لمصداقيته أمام الدول المانحة وقدرته على تجاوز صفة الفساد التي باتت رديفة للطبقة السياسية في الوطن الصغير، تماماً كما باتت النفايات من أشهر معالمه! ولن يكون سجال الوزير أبي خليل مع رئيس شركة سيمنز الأول ولا الأخير, حيث ظهرت المصلحة العامة في آخر سلم الأولويات، وأن الأولوية تعطى دائماً للصفقات الغنية بالسمسرات, ولو أنها لا تقدّم حلولاً جذرية أو طويلة الأمد، وعادت المستشارة الألمانية من زيارتها من دون أن يعرف، أو بالأحرى من دون أن يُبدي المسؤولون اللبنانيون أدنى اهتمام بالدعم الجدّي الذي يمكن أن تقدّمه ألمانيا, كونه خارج عن ساحة الصفقات!

أما اليوم، فنرى كل الجهود الدولية لدعم لبنان, إما مباشرة أو من خلال المؤتمرات كما حصل في «سيدر»، مهددة بالتوقف أو بالذهاب أدراج الرياح في ظل غياب الخطة الجدّية أو حتى النيّة الحقيقية للإصلاح ومكافحة الفساد، أو حتى المعنوية، قد سقطت في رسالة واضحة من المجتمع الدولي عندما لا  يذكر الرئيس ترامب لبنان ضمن الدول المضيفة للنازحين, ولا تجتمع مجموعة الدعم الدولي للبنان كما جرت العادة، وعدم تسجيل لقاءات جانبية للرئيس عون مع نظرائه من الدول الصديقة مثل فرنسا ودول الخليج.

لقد فشل لبنان، عدّة مرّات، في الإيفاء بالوعود التي قطعها للدول الداعمة، ولم تعد الحنكة اللبنانية، والشطارة، تنفع. فالالتزام بسياسة النأي بالنفس واضحة المعالم تماماً كما كانت للخروقات لها في أكثر من مناسبة، وبقيت الأبواق المعادية للدول الخليجية تسمع أصواتها, إضافة إلى غياب ملف الاستراتيجية الدفاعية عن طاولة البحث، خاصة مع كل ما يمكن تجنيبه للوطن الصغير في حال أقرّت عقوبات مالية قاسية تجاه إيران و«حزب الله» في تشرين الثاني.

لم تنفع كل التحذيرات الصديقة لضرورة تحييد لبنان عن النيران المحيطة به من جهة، ومباشرة العمل بخطة واضحة لمكافحة الفساد تمهيداً للخروج من الأزمة الاقتصادية غير المسبوقة، والتي تُعيد إلى الأذهان أيّام هبوط قيمة الليرة المشؤومة، فبقيت الممارسة الكيدية هي السائدة، تعطل الإنتاجية حيناً وتؤمّن الغطاء أمام الفاسدين أحياناً، مدخلة البلاد والعباد في دوامة فضائح لا تنتهي ولا تستحي، كان مطار بيروت, المرفق الحيوي للبنان وبلاد الجوار في أيامنا هذه، آخر ضحاياها حيث يدفع المواطن ثمنها وتخسر الخزينة العامة إيراداتها وآخر ما تبقى من سمعة وهيبة الدولة، من دون أن نغفل فضائح الكهرباء، والتي باتت مكشوفة على الصعيد الدولي أيضاً، والنفايات والأدوية والأطعمة الفاسدة واللائحة لا تنتهي.

إن لم تكن ساعة التحرّك للخروج من المأزق عبر تشكيل الحكومة والمضي قدماً بتنفيذ الالتزامات تجاه المجتمع الدولي، فسوف تكون ساعة غفلة تدخل لبنان في مواجهة مع الدول المانحة ويصبح لبنان كدولة مارقة, أقل ما فيها أنه أعجز عن خوضها, تكون أجهزت على ما تبقى من مقوّمات الدولة، وشرّعت باب النهب أكثر مما هو عليه اليوم للمقدرات المدفونة في قعر البحار من غاز ونفط , مبقية لبنان في عزلة دولية لن تنفعه المحاور التي زُج فيها وبات أسيرها!