جولة جيرو لم تخرج عن الاطار الاستطلاعي.. وانتخاب الرئيس ورقة بيد الأميركي
الافرقاء اللبنانيون مسموح لهم اللعب في الملعب الداخلي وممنوع عليهم تسجيل الاهداف
هل تستطيع حركة الموفدين باتجاه لبنان وقف عجلة الدوران في الفراغ، وبالتالي الذهاب باتجاه انتخاب رئيس للجمهورية في هذه المرحلة التي يقال بأنها متاحة لانجاز هذا الاستحقاق على المستويين الاقليمي والدولي، أم ان هذه الحركة ستبقى حركة بلا بركة ويقتصر دور الموفدين على جولات استطلاعية لا تقدم ولا تؤخر في الملف الرئاسي المفتوح منذ مائتي يوم؟
صحيح ان الموفد الفرنسي وكذلك الروسي الذي سبقه والاوروبي الذي اعقب مجيء الفرنسي يجمعون على ضرورة انتخاب رئيس للجمهورية في لبنان والاعراب عن الاستعداد الكامل لتقديم يد العون للبنانيين لانجاز هذا الامر، مع التحذير من استمرار الفراغ على المستويات السياسية والاقتصادية والامنية، غير ان اي من هؤلاء لم يحمل الى المسؤولين في لبنان اي تصور عملي من شأنه ان يكون مادة للنقاش والبحث علّه يصلح لابتداع صيغة توافقية على المستوى الرئاسي.
وتؤكد اوساط سياسية مواكبة لحركة الموفدين الدوليين ان زيارة الموفد الفرنسي الى لبنان جان فرنسوا جيرو لا تعدو كونها جولة استطلاعية وهو عبر عن ذلك في احد تصريحاته إما عن قصد او زلة لسان، بأن على اللبنانيين الاتفاق على انتخاب الرئيس وفرنسا مستعدة ان ترعى اي اتفاق، وهو ما يعني انه لم يحمل اي صيغة للنقاش وقد بدا وكأنه يبحث عن دور لبلاده في الاستحقاق الرئاسي، فكما هو معلوم فإن من يقرر في هذا الشأن على المستوى الخارجي هو الادارة الاميركية وليست فرنسا او ايران او غيرها، وطالما «الطاسة» الرئاسية في لبنان ضايعة فإن الاميركي ليس في وارد تسليمها لفرنسا، لان الاخيرة لا تشكل بالنسبة اليه اي قيمة مضافة لكي يسلمها الملف اللبناني من دون اي مقابل، واذا كان الفرنسي لو سلمنا جدلاً بأنه يتحرك تحت غطاء اميركي، فلماذا الاميركي سيشرك الفرنسي في هذا الملف طالما انه قادر على استثماره في اكثر من موقع وفي اكثر من اتجاه.
وفي رأي هذه الاوساط ان جلسة الانتخاب السادسة عشرة اليوم لن تكون احسن حالا من الجلسات السابقة وهي ستحمل ترحيلاً جديداً لهذا الاستحقاق الى آخر يضربه رئيس المجلس، فهذا الاستحقاق وفق كل المعطيات مؤجل بالحد الادنى لعدة اشهر، حيث ان لا معطيات ايجابية داخلية مشجعة، ولا توافق داخلي على مواصفات الرئيس، ولا يوجد حلحلة على مستوى العماد ميشال عون وكذلك فإن فريق 14 آذار ليس في وارد التخلي عن سمير جعجع بسهولة، بمعنى ان هذا الاستحقاق سيبقى في مربع المراوحة طالما ان كل لاعب من اللاعبين الاساسيين واقف في ملعبه، فعلى ما يبدو هناك سماح للاطراف الداخليين اللعب داخل الملعب من دون ان يسجل اي فريق هدف في مرمى الآخر، الى ان يأتي الكلام الخارجي في ما خص الشأن السوري فالعراقي واخيراً اللبناني.
وتؤكد الاوساط السياسية انه بالرغم من ان الاستحقاق الرئاسي هو امر ملح للبنان خصوصاً في هذه المرحلة فإنه من غير الممكن حل هذا الملف بشكل منفرد، الا من ضمن سلة كاملة متكاملة حول الرئاسة وشخص الرئيس وتوزيع الحصص الوزارية في الحكومة المقبلة على القوى السياسية.
وتشخص هذه الاوساط المرحلة الراهنة بالنسبة للقوى السياسية في لبنان بأنها اشبه بفريقي كرة يلعبون وهناك حكم دولي يمنع على كل فريق ان يسجل اي هدف في شباك الآخر بانتظار جلاء صورة المشهد الاقليمي وعلى وجه الخصوص المشهد الاقرب وهو السوري، واصفة الحراك الفرنسي بأنه ركيك للغاية تجاه الوضع اللبناني، متسائلة كيف ان فرنسا تمد اليد لايران لفتح صفحة جديدة علّها تساعدها على الدخول الى الشأن اللبناني متجاهلة اللاعب الاساسي وهو واشنطن اضافة الى الدور الفعال ايضاً للمملكة العربية السعودية.
وتعرب الاوساط عن اعتقادها بأن خلطة «الفتوش» الرئاسية لم تتوضح بعد، كما انه لا يوجد اي طرف لديه الخلطة السحرية التي يأكل منها الجميع على طاولة واحدة تنتهي باخراج الملف الرئاسي من عنق الزجاجة.
وتدعو الاوساط السياسية الى انتظار ما سيؤول اليه الحوار بين «حزب الله» وتيار «المستقبل» كون ان نجاحه بشكل قوة دفع باتجاه حل الكثير من الملفات وفي مقدمها الاستحقاق الرئاسي، مع التأكيد على ان اي نتائج يمكن ان تظهر عن هذا الحوار لن تكون في غضون ايام او اسابيع، وبالتالي فإن ذلك يعني ان الاستحقاق الرئاسي لن يكون في متناول اليد في وقت قريب، من دون ان تسقط من حساباتها حوارا آخر يدور خلف الكواليس بين واشنطن وايران وان أي تقدم في هذا الحوار الذي يجري تحت عنوان الملف النووي سيكون له بالغ الاثر الايجابي على ملفات المنطقة ومنها لبنان، خصوصاً وان هناك من يقول ان هناك تفاهما اميركيا – ايرانيا في طور التبلور حول الازمة السورية وهذا بالتأكيد سينسحب على مواضيع كثيرة في المنطقة وسيكون منطلقاً للبحث الجدي في انجاز الاستحقاق الرئاسي اللبناني.
وليس بعيداً عن هذا الحراك الدولي والاقليمي فإن الاوساط السياسية ترصد حراكاً لبكركي في اطار مسعى من البطريرك الراعي لتأمين الغطاء المسيحي الموحد لأي اتفاق يمن ان يُبرم حول الانتخابات الرئاسية، وهو لذلك سيلتقي قيادات مسيحية في الايام المقبلة لوضع خارطة طريق لمواجهة اي مستجدات على مستوى هذا الملف.