الأراضي المزروعة زادت من 20 ألف دونم إلى أكثر من 30 ألفاً
«نجح» قانون تشريع زراعة القنّب الهندي في زيادة إنتاج الحشيشة! بعد مواسم من الكساد وتراجع الأسعار، سُجّل هذا الموسم ارتفاع كبير في الأسعار، وزادت مساحة الحقول المزروعة بالنبتة التي لم تعد محرّمة (؟)، والتي يتهافت التجار على شراء محاصيلها، بعدما «الله جبر» ما كان مكدّساً من محاصيل السنوات الماضية
قبل نحو أسبوع بدأ مزارعو الحشيشة في البقاع الشمالي قصّ شتول حقولهم وجمعها وتجفيفها تحت أشعة الشمس، قبل توضيبها وتخزينها تمهيداً لتصنيعها. وهذه المرة الأولى التي تُقصّ فيها الحشيشة بتأنٍّ، مع غياب الخشية من عمليات التلف، رغم أن آخر عملية نفّذتها الأجهزة الأمنية لإتلاف حقول الحشيشة في بعلبك – الهرمل تعود إلى عام 2013.
مصدر «الاطمئنان الزائد» هو إقرار مجلس النواب، في نيسان الماضي، قانون السماح بزراعة القنب الهندي «لأغراض طبية وصناعية». صحيح أن القانون بات نافذاً، إلا أن الدولة لم تمض في خطة «الشرعنة» بعد. المراسيم التنظيمية للقانون لم تُقرّ بعد، فلا هيئة ناظمة ولا آلية عمل ولا حتى مراكز تسليم أو بنية تحتية أو آلية استصدار تراخيص ومنحها للمزارعين المسموح لهم بزراعتها. رغم ذلك، مجرد الإقرار – على ما يبدو – كان إشارة ضمنية تلقّاها مزارعو الحشيشة بحماسة تُرجمت بزيادة مساحة الأراضي المزروعة بالحشيشة من 20 ألف دونم في الموسمين الماضيين، إلى أكثر من 30 ألف دونم العام الجاري، تضاف إليها حقول «الحشيشة اللقيسة» التي زُرعت في آب الماضي (تُزرع الحشيشة في شهرَي آذار ونيسان، فيما يُطلق «اللقيسة» على تلك التي تُزرع متأخرة عن أوانها). زيادة الأراضي المزروعة بالحشيشة جاءت أساساً «لكي نضمن حقنا بتسجيل اسمنا في لوائح المزارعين الذين سينالون رخصاً لزراعتها بعد تشريعها»، بحسب أحد المزارعين. ويلفت إلى أنه زاد مساحة حقوله المزروعة بالقنب الهندي من 150 دونماً العام الماضي إلى 400 دونم، فـ«طالما ما عادت ممنوعة لشو الخوف؟»، مشيراً إلى «أننا، أساساً، لم نتوقف عن زراعتها لأنها الحل الوحيد في ظل ما نمر به من ظروف اقتصادية صعبة، وبعد فشل كذبة ما أطلقوا عليه سياسة الزراعات البديلة، وبعد خسائر متتالية لحقت بمزارعي الزراعات التقليدية».
عوامل عدة تضافرت على جعل «الموسم» هذا العام مربحاً، مع ارتفاع الأسعار بنسبة 300% عن الموسمين الماضيين اللذين شهدا تكدّس الإنتاج المصنّع لدى التجار بعد إقفال منافذ التهريب خصوصاً إلى دول الخليج. التزاحم بين مزارعين وتجار كبار على ضمان النبتة «خضير» (تُشترى في أرضها قبل قصّها) من المزارعين الصغار يشير إلى موسم واعد. فقد ارتفع سعر ضمان دونم حشيشة الخضير من 400 ألف ليرة العام الماضي إلى ما بين مليون ومليونَي ليرة، بحسب إنتاجية الدونم والنوعية وإذا ما كان بعلاً (إنتاج ذو جودة عالية – باب أول) أو مروياً (إنتاج ذو جودة جيدة). وسجّلت «الهقّة» (1250 غراماً) من الحشيشة المصنّعة (الزهرة) والنوعيات الأقل جودة (الكبشة) ارتفاعاً كبيراً في الأسعار. بحسب أحد كبار التجار، وصل سعر «الهقّة» إلى 700 ألف ليرة في مقابل 200 ألف الموسم الماضي. وإلى ارتفاع سعر صرف الدولار، يعزو التاجر ارتفاع الأسعار، أيضاً، ازدياد الطلب إلى اعتماد التجار البيع مقابل عقارات أو سيارات، الأمر الذي أدى إلى تصريف كل الإنتاج الذي كان مكدّساً من الموسم الماضي.
زادت أسعار الحشيشة بكل أنواعها بنسبة 300% عن الموسمين الماضيين
هذا في الظاهر، أما فعلياً، فيؤكد عدد من تجّار النبتة أنه بعد انفجار المرفأ، في الرابع من آب الماضي، والانشغال السياسي والأمني بتداعياته، ناهيك بالأزمة الاقتصادية والسياسية التي أدّت إلى تراخي القبضة الأمنية، كل ذلك سمح بفتح أبواب جديدة للتهريب البحري والبري. هكذا، تمّ التصريف والطريق مفتوحة والموسم الحالي ممتاز ويعد بأرباح جيدة… والشاطر بشطارتو». ولعل اكثر ابواب التهريب التي يجري الحديث عنها تلك التي «تربط بين الساحلين اللبناني والسوري وصولا الى تركيا، فضلا عن الطرقات البرية بين البقاع والشمال وسوريا وقرى وبلدات حدودية تركية، ومنها الى الخليج العربي ودول اوروبية»، بحسب ما يكشف احد التجار.